للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إنسان، واجتناب الظلم لكل إنسان، ولو كان من غير المسلمين؛ فالله تعالى يأمر بالعدل والإحسان، وينهى عن الظلم والإساءة لكل الناس:

{لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} (١).

[يحب معالي الأمور]

والمسلم الحق يتوخى في علاقاته الاجتماعية دوما معالي الأمور، ولا يبني تلك العلاقات على أساس من الأغراض السخيفة والمصالح الخسيسة، إذ لا وقت لديه لسفساف الأمور وصغير الأهداف وتوافه الأغراض، وهو بحكم تكوينه علا هدي من كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - يحب الجد ويكره الهزل، ويميل إلى السمو والارتقاء وينفر من الهبوط والانحدار، وهذا ما يحبه الله تبارك وتعالى من أخلاق الرجال، كما أخبر بذلك الرسول - صلى الله عليه وسلم - بقوله:

((إن الله عز وجل كريم يحب الكرماء، ويحب معالي الأمور ويكره سفسافها)) (٢).

[لا يتنطع في كلامه]

ومن هنا كان المسلم الواعي بعيدا عن التنطع في كلامه (٣)، لا يتكفف النطق حبا بالتظاهر ولفت الأنظار إلى شخصه، فالتنطع والثرثرة الفارغة ليسا من خلق المسلم العامل الذي يحب معالي الأمور ويكره سفسافها، وإنما هما من خلق الإنسان الفارغ التافه الذي لا يهمه إلا الظهور والبروز وجذب الانتباه إليه، ولذلك اشتد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على المتنطعين، واشتد عليهم من بعده


(١) الممتحنة: ٨.
(٢) رواه الطبراني في الكبير ورجاله ثقات.
(٣) المتنطع: المتعمق في الكلام المتكلم بأقصى حلقه.

<<  <   >  >>