للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يا رب، إني قطعت، يا رب، إني ... فيجيبها: ألا ترضين أن أقطع من قطعك وأصل من وصلك؟)) (١).

لقد أعلى الله من شأن الرحم، إذ جعلها شجنة من اسمه الرحمن، وكرمها، إذ اشتق اسمها من اسمه، فقال:

((أنا الرحمن، وأنا خلقت الرحم واشتققت لها من اسمي. فمن وصلها وصلته، ومن قطعها بتته)) (٢).

وفي ذلك إشارة للمسلم المرقف أن واصلها ينعم في ظلال رحمة ربه الوارفة الندية البرود، موصولا منعما مكرما، وأن قاطعها محروم من تلك الظلال، مبتوت شقي مهان.

[المسلم واصل رحمه حسب هدي الإسلام]

ومن هنا كان المسلم التقي الواعي واصلا رحمه، لا تلهيه الدنيا، ولا المال ولا الزوجة والولد، عن تفقد ذوي رحمه وقرابته، وبرهم وإكرامهم ومعونتهم، وهو في ذلك يتبع هدي الإسلام الحنيف الذي نظم هذه الصلة، فجعلها متسلسلة حسب الأهمية والقرب، فبدأ بالأم، ثم بالأب، ثم بالأقرب فالأقرب؛ فقد جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: يا رسول الله، من أحق بحسن الصحبة؟ قال: ((أمك، ثم أمك، ثم أمك، ثم أبوك، ثم أدناك أدناك (٣) (٤).

وإن للمسلم في بره ذوي القربى لأجرين، أجر القرابة وأجر الصدقة، وهذا أدعى أن يتيمم في عطائه ذوي رحمه، إن كانوا بحاجة إلى المال،


(١) أخرجه البخاري في الأدب المفرد.
(٢) أخرجه البخاري في الأدب المفرد، ورواه أحمد وأبو داود والترمذي.
(٣) أي الأقرب إليك فالأقرب.
(٤) متفق عليه.

<<  <   >  >>