للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

((إن من أشر الناس (١) عند الله منزلة يوم القيامه الرجل يفضي إلى المرأة، وتفضي إليه، ثم ينشر سرها)) (٢).

[لا يناجي ثانيا وبينهما ثالث]

والمسلم التقي الواعي أحكام دينه مرهف الحس، دقيق الملاحظة، يحترم مشاعر الناس، ويتجنب الإساءة إليهم، ومن هنا لا تنقصه اللباقة في الحديث، ومن أوليات هذه اللباقة ألا يناجي ثانيا وبينهما ثالث، وهذا من الأدب العالي الذي أدب الإسلام به أبناءه، كما في حديث ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:

((إذا كنتم ثلاثة، فلا يتناج اثنان دون الآخر، حتى تختلطوا بالناس، من أجل أن ذلك يحزنه)) (٣).

إن المسلم الذي أرهف الإسلام مشاعره، وربى فيه الذوق العالي، وزوده بالحصافة والكياسة واللباقة، بعيد عن الهمس والتناجي والوشوشة إذا كان في مجتمع لا يتجاوز ثلاثة أشخاص، حرصا على مشاعر الثالث أن تخدش، ولكيلا يداخله شعور بالوحشة والضيق، إلا إذا كانت هناك حاجة ماسة للحديث بين الاثنين، فلا بد عندئذ من استئذان الثالث، والإيجاز في الحديث، والاعتذار إليه.

ولقد كان الصحابة الكرام الذين تغلغل الإسلام في حنايا نفوسهم، وخالطت أخلاقه وتعاليمه دماءهم لا يغفلون أبدا عن هذه الأمور الحساسة في


(١) هكذا جاءت الرواية (أشر)، والنحاة يقولون: لا يجوز أشر وأخير، وإنما يقال: هو خير منه وشر منه، وقد جاءت الأحاديث الصحيحة بالوجهين.
(٢) رواه مسلم.
(٣) متفق عليه.

<<  <   >  >>