للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يخفق، وروحا تهفو، ونفسا تحس، وأشواقا عليا تدفعه إلى السمو والاستغراق في عالم العبادة، والتطلع إلى ما عند الله من نعيم، والخشية مما لديه من أنكال وجحيم.

[يصقل روحه بالعبادة]

ومن هنا كان لزاما على المسلم أن يعنى بروحه، فيقبل على صقلها بالعبادة والمراقبة لله عز وجل آناء الليل وأطراف النهار، بحيث يبقى يقظا متنبها، متقيا أحابيل الشيطان الماكرة، ووسوساته المردية. فإذا مسه طائف من الشيطان في لحظة من لحظات الضعف البشري، هزته الذكرى، فارتد بصيرا متيقظا تائبا مستغفرا:

{إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ} (١).

ولهذا كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول لأصحابه: ((جددوا إيمانكم)). قيل: يا رسول الله، وكيف نجدد إيماننا؟ قال: ((أكثروا من قول لا إله إلا الله)) (٢).

والمسلم يستعين على تقوية روحه وإصلاح نفسه بضروب من العبادة يقوم بها لله طائعا مخبتا قانتا، كتلاوة القرآن في أناة وتدبر وخشوع، والذكر في إخبات وحضور قلب، والصلاة القويمة المستكملة شروط الصحة والخشوع وحضور الذهن، وغير ذلك من ألوان العبادة والرياضة الروحية، مدربا نفسه على القيام بهذه الطاعات، بحيث تصبح ديدنه وعاداته وسجاياه التي لا فكاك له عنها ولا انفصام. وبذلك ترهف نفسه، ويرق شعوره، وتتيقظ حواسه، فإذا هو في غالب الأحيان يقظ، متنته، مراقب لله في السر


(١) الأعر اف: ٢٠١.
(٢) وراه أحمد بسند جيد.

<<  <   >  >>