للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

زيد يستشفع في المرأة المخزومية التي سرقت، وعزم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على قطع يدها، فقال له: ((أتشفع في حد من حدود الله؟ وايم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها)) (١).

إنه العدل العام المطلق الذي يطلق على الكبير والصغير، والأمير والسوقة، والمسلم وغير المسلم، ولا يفلت من قبضته أحد، وهذا مفرق الطريق بين العدل في المجتمع الإسلامي وغيره من المجتمعات.

ومما وعاه التاريخ، وأنصتت له بإجلال محافل العدل في العالم كله عبر القرون وقفة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه بجانب خصمه اليهودي الذي سرق درعه أمام القاضي شريح، الذي لم يمنعه إكباره وإجلاله لأمير المؤمنين أن يطلب منه البينة على سرقة اليهودي درعه. ولما لم يجد أمير المؤمنين البينة حكم القاضي لليهودي على أمير المؤمنين. والتاريخ الإسلامي حافل بأمثال هذه الأخبار الدالة على سيادة الحق والعدل في المجتمع الإسلامي.

ومن هنا كان المسلم الحق عادلا في أقواله وأفعاله؛ لأن الحق قديم في تراثه، والعدل عريق في مجتمعه، والإنصاف مقدس في معتقده.

[لا يظلم]

والمسلم الحق بقدر استمساكه بالعدل هو بعيد عن الظلم؛ إذ الظلم ظلمات يتخبط بها الظالمون، كما بين الهدي النبوي الكريم:

((إتقوا الظلم، فإن الظلم ظلمات يوم القيامة ... )) (٢).

وما أجمل النهي عن الظلم في هذا الحديث القدسي، الذي يأتي فيه


(١) روه البخاري ومسلم.
(٢) رواه مسلم.

<<  <   >  >>