للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فادع الله عليهم، فاستقبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - القبلة ورفع يديه، فقال الناس: هلكوا. ولكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الرحيم الحاني السمح المشفق على العباد أن يمسهم عذاب الله راح يدعو لدوس قائلا: ((اللهم اهد دوسا وائت بهم، اللهم اهد دوسا وائت بهم، اللهم اهد دوسا وائت بهم)) (١).

وكان صلوات الله عليه يغرس في نفوس المسلمين دوما خلق العفو والتسامح، وإن قوبلوا بالصد والإعراض والقطيعة؛ إذ كان يدرك بثاقب نظرته التربوية التي زوده الله بها أن الناس يستجيبون بالخلق العالي السمح أكثر مما يستجيبون بالشدة القطيحة والعنف، ومن هنا كان من هديه القويم لعقبة بن عامر حين قال: يا رسول الله، أخبرني بفواضل الأعمال، فقال: ((يا عقبة، صل من قطعك، وأعط من حرمك، وأعرض عمن ظلمك)). وفي رواية: ((واعف عمن ظلمك)) (٢).

[سمح]

والمسلم الواعي أحكام دينه سمح في معاملته الناس؛ إذ يدرك أن ليس كالسماحه من خلق يجلب للإنسان الخير في دنياه وآخرته. إنه بخلقه السمح اللين الرضي ينفذ إلى قلوب الناس فيحبونه، وبخلقه السمح اللين الرضى يستحق مرضاة الله وعفوه ورحمته، وهذا ما نطقت به النصوص الثابتة من هدي الرسول الكريم:

فعن جابر رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((رحم الله رجلا سمحا إذا باع، وإذا اشترى، وإذا اقتضى)) (٣).


(١) رواه الشيخان.
(٢) رواه أحمد والطبراني، ورجال أحمد ثقات.
(٣) رواه البخاري.

<<  <   >  >>