للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على معروفهم، ولا تند عنه عبارة تثلج صدور صانعي المعروف، وتهز فيهم المروءة، وتحرك الأريحية، هو إنسان جحود كنود كفور، لا يقدر النعم والفضائل ولا يشكر عليها، فهو غير مؤهل لشكر الله تعالى، واهب النعم والفضائل والخيرات. وفي هذا يقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:

((لا يشكر الله من لا يشكر الناس)) (١).

ذلك أن في شكر من أسدى إليك معروفا إشاعة لفعل الخير، وتشجيعا عليه، وترغيبا فيه، وفيه أيضا تعويد للإنسان على حفظ اليد، وتقدير المعروف، والاعتراف بالجميل، وبهذا وذاك تتوطد أواصر المودة بين أفراد المجتمع، وتنفتح القلوب على الحب، وتنشط النفوس لفعل الخير، وهذا ما يهدف الإسلام إلى ترسيخه في المجتمع الإسلامي.

[يخالط الناس ويصبر على أذاهم]

والمسلم الحق العامل يخالط الناس ويصبر على أذاهم؛ لأنه صاحب قضية، ورائد رسالة، ولسان دعوة. ولا بد لمن تصدى لهذه المهمات الجسام من أن يوطن نفسه على التضحية في سبيل تلك القضية، والصبر على تكاليف الرسالة، وتحمل تبعات الدعوة، ومنها الصبر على آراء الناس الفجة، وسوء تصرفاتهم، وخطل ظنونهم وتصوراتهم، وجفاء طبعهم، وبطء استجابتهم للحق، وتثاقلهم إلى الأرض، والدوران حول المصلحة والذات، إلى غير ذلك مما يبدر من البشر من تفاهات يضيق بها الدعاة ذرعا، فإذا هم يميلون في لحظات السأم والضيق والإعياء إلى الانزواء واعتزال الناس، ومن هنا جاء الهدي النبوي العالي يشد من عزمات المؤمنين، ويربط على قلوبهم، ويثبث


(١) أخرجه البخاري في الأدب المفرد.

<<  <   >  >>