للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يا لله! كم تبدو الحياة بهيجة شائقة ممتعة في ظلال هذا الإخاء وهذا التعاطف! وكم يبدو الأحياء سعداء حين تسري فيهم روح الإسلام، وتسود في معاملاتهم قيمه! إنهم حينئذ يعيشون في سمو ما وصل إليه الإنسان إلا حين استظل بهذا الدين الذي علمه أن ((الدين: النصيحة))، وأنه لا يؤمن حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه.

من هذا المنطلق السامي الرفيع من المحبة والنصيحة، كان الصحابي الجليل أبو هريرة رضي الله عنه يقول:

((المؤمن مرآة أخيه، إذا رأى فيه عيبا أصلحه)) (١).

وأبو هريرة في حديثه هذا يقتبس من هدي الرسول الكريم القائل:

((المؤمن مرآة أخيه، والمؤمن أخو المؤمن، يكف عليه ضيعته (٢) ويحوطه من ورائه)) (٣).

إنها طبيعة الأشياء أن يقف المسلم الحق الصادق من أخيه المسلم هذا الموقف السامى النبيل، ولو أراد أن يقف منه غير هذا الموقف لما استطاع، إذ ما كان لمن يعيش في ذلك الأفق العالي الوضيء أن يهبط في مواقفه إلى مستوى الفردية والأنانية والمنفعة الخاصة؛ فكل إناء بالذي فيه ينضح، والزهر لا ينفح إلا الشذا، والأرض الطيبة لا تخرج إلا النبات الطيب، ولله در الشاعر (٤) إذ يقول:

وهل ينبت الخطي إلا وشيجه...وتغرس إلا في منابتها النخل


(١) أخرجه البخاري في الأدب المفرد.
(٢) أي يمنع ضياعه وهلاكه ويتكفله.
(٣) أخرجه البخاري في الأدب المفرد.
(٤) هو زهير بن أبي سلمى.

<<  <   >  >>