للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإنه لخلق عظيم يثيب الله عليه من عطائه الجزل ما لا يثيبه على خلق آخر: ((إن الله رفيق يحب الرفق، ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف وما لا يعطي على ما سواه)) (١).

ويشيد الهدي النبوي العالي بالرفق، فيجعله زينة كل شيء، ما حل في شيء إلا زانه وحببه إلى النفوس والأبصار، وما نرع من شيء إلا شانه ونفر منه القلوب والأرواح:

((إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه، ولا ينزع من شيء إلا شانه)) (٢).

وكان الرسول الكريم صلوات الله عليه يعلم المسلمين الرفق في معاملة الناس، ويسددهم إلى التصرف اللبق الأمثل الذي يليق بالمسلم الداعية إلى دين الله الرحيم الرفيق بالعباد، مهما كان الموقف مثيرا للحفائظ، داعيا للغضب والاشمئزار.

فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: بال أعرابي في المسجد، فقام الناس إليه ليقعوا فيه، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((دعوه وأريقوا على بوله سجلا من ماء أو ذنوبا (٣) من ماء، فإنما بعثتم ميسرين، ولم تبعثوا معسرين)) (٤).

فبالرفق والتيسير واللين والسماحة تفتح مغالق القلوب، ويدعى الناس إلى الحق، لا بالعنف والتعسير والشدة والمؤاخذة والزجر، ومن هنا كان من هدي الرسول الكريم في هذا الباب:

((بشروا ولا تنفروا، ويسروا ولا تعسروا)) (٥).


(١) رواه مسلم.
(٢) رواه مسلم:
(٣) السجل: الدلو الممتلئة ماء، وكذلك الذنوب.
(٤) رواه البخاري.
(٥) متفق عليه.

<<  <   >  >>