للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ماء، ثم أمسكه بفيه حتى رقي، فسقى الكلب، فشكر الله له، فغفر له)). قالوا: وإن لنا في البهائم لأجرا؟ قال: ((في كل كبد رطبة أجر)) (١).

وروى الشيخان أيضا عن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:

((عذبت امرأة في هرة حبستها حتى ماتت جوعا، فدخلت فيها النار.

قال: فقالوا- والله أعلم-: لا أنت أطعيتها ولا سقيتها حين حبستها، ولا أنت أرسلتها، فأكلت من خشاش الأرض)).

ويبلغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شأو الرحمة العالي، إذ نزل منزلا فجاءت حمرة ترف على رأسه الشريف، وكأنها تلوذ به شاكية له ظلم رجل أخذ بيضتها، فقال: ((أيكم فجع هذه ببيضتها؟ فقال: رجل: يا رسول الله، أنا أخذت بيضتها، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - ((ارددها رحمة لها)) (٢).

لقد أراد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في هذا الموقف أن يغرس في حس المسلمين معنى الرحمة الواسع الشامل، ليغدو المسلم رحيما بطبعه، حتى بالحيوان؛ لأن من كان له قلب يحنو على الحيوان، لا يقسو على أخيه الإنسان.

كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يذوب رحمة للإنسان والحيوان، وكان لا يني يعلم المسلمين أن يكونوا كذلك، لكي تعم الرحمة دنيا المسلمين، وتغمر مجتمعاتهم وأوطانهم، ومتى شاعت الرحمة في الأرض انهلت سكائب رحمة الله عليها وعلى ساكنيها من السماء، مصداقا لقول الرسول الكريم: ((ارحم من في الأرض يرحمك من في السماء)) (٣).


(١) رواه الشيخان.
(٢) أخرجه البخاري في الأدب المفرد.
(٣) رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح.

<<  <   >  >>