للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إن المسلم الحق ليغضب أحيانا، ولكنه لا يغضب إذا غضب لنفسه، وإنما يغضب لله، حين تنتهك حرمة من حرماته، أو يعتدى على شعيرة من شعائر دينه، أو يعطل حكم من أحكامه، هنالك ينتفض المسلم ثورة عارمة على المعتدين الآثمين المنتهكين حرمات الله، العابثين بشرعه وأحكامه وقيمه، وهذا ما كان عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيما يرويه البخاري ومسلم.

((ما انتقم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لنفسه، إلا أن تنتهك حرمة الله، قينتقم لله بها)).

لقد كان صلوات الله عليه يغضب، ويتلون وجهه الشريف حين يجد إساءة لسمعة الدين، أو خطأ في تطبيق أحكامه، أو تساهلا في إقامة حدوده. غضب يوم جاءه رجل فقال: إني لأتأخر عن صلاة الصبح من أجل فلان مما يطيل بنا، فلم ير النبي الكريم غضب في موعظة قط أشد مما غضب يومئذ، فقال:

يا أيها الناس، إن منكم منفرين، فأيكم أم الناس فليوجز، فإن من ورائه الكبير والصغير وذا الحاجة)) (١).

وغضب يوم قدم من سفره على عائشة فرأى في بيتها سترا رقيقا فيه تماثيل، فلما رآه هتكه وتلون وجهه، وقال: ((يا عائشة، أشد الناس عذابا عند الله يوم القيامة الذين يضاهون بخلق الله)) (٢).

وغضب يوم كلمه أسامة بن زيد في شأن المرأة المخزومية التي سرقت، وعزم رسول الله على أن يقيم عليها الحد، فقالوا: من يكلم فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فقالوا: من يجترئ عليه إلا أسامة بن زيد، حب


(١) متفق عليه.
(٢) متفق عليه.

<<  <   >  >>