للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإزاء هذا الهدي العالي والتوجيه الحكيم لا يتورط المسلم التقي بغيبة، ولا تمتد يده إلى أحد في مجتمعه بأذى. بل إنه ليذهب إلى أبعد من ذلك، فيطارد الغيبة أنى وجدها، فيذب عن أخيه المسلم في غيبته، إن تناولته ألسنة البغي، ويدفع عنه قالة السوء، عملا بقول الرسول الكريم:

((من ذب عن عرض أخيه بالغيبة كان حقا على الله أن يعتقه من النار)) (١).

والمسلم التقي لا يمشي بالنميمة في مجتمعه؛ لأنه يحرك، بما فقه من هدي دينه، أن النميمة تجعل صاحبها في زمرة الأشرار الذين لا هم لهم إلا الإفساد بين الناس، وتقطيع عرى المحبة بين الأخلاء، فعن أسماء بنت يزيد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:

((ألا أخبركم بخياركم؟ قالوا: بلى يا رسول الله. قال: الذين إذا رؤوا ذكر الله عز وجل. ثم قال: ألا أخبركم بشراركم: المشاؤون بالنميمة، المفسدون بين الأحبة، الباغون للبرآء العيب)) (٢).

وحسب النمام المفسد خزيا في الدنيا، وسوء عاقبة في الآخرة، هذا الحديث القاطع الذي يسد عليه كل باب من أبواب الأمل والرجاء، إن ظل مصرا على خطيئته:

((لا يدخل الجنة نمام)) (٣).

ومما يملأ النفسق هلعا ورعبا من عواقب النميمة أن عذاب الله الشديد ينصب على النمام المفسد منذ أن يوسد في قبره، وذلك فيما رواه الشيخان


(١) رواه أحمد بإسناد حسن.
(٢) رواه أحمد بإسناد حسن.
(٣) متفق عليه.

<<  <   >  >>