للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المطلب الثاني: تعليمهم هيئة التعلم الواجبة للفظ القراني (التلقي) «١» :

صارت هيئة التعلم الواجبة للألفاظ القرانية (التلقي) بدهية من البدهيات في حياة المسلمين حتى لقّبوا من تعلم القران بهيئة تعليمية غيرها كالأخذ من المصحف (مصحفيا) فقالوا: «لا تحملوا العلم عن صحفي، ولا تأخذوا القران من مصحفي» «٢» فلا مجال لإثبات القران الكريم بالكتابة واحدها، وقد ذكر الله سبحانه وتعالى هذه الطريقة الواجبة في تعلم الألفاظ القران الكريم صراحة في قوله سبحانه وتعالى وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ (النمل: ٦) مع قوله جل جلاله: عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوى (النجم: ٥) إذ دل مجموع الايتين على أن تعلم النبي لألفاظ القران الكريم كان تعلما خاصا هو التلقي.

وقد أمرهم النبي صلّى الله عليه وسلّم بالتلقي فقال لهم: «خذوا القران من أربعة: من ابن أم عبد فبدأ به ومعاذ بن جبل وأبي بن كعب وسالم مولى أبي حذيفة» «٣» ، وهذا «يدل على أن قراءة القران تؤخذ بالتلقي من أفواه المقرئين، أتدري من خاطب النبي صلّى الله عليه وسلّم بقوله: «خذوا القران من أربعة» ؟ خاطب الصحابة رضي الله عنهم، وهم عرب فصحاء، بل هم أفصح الأمة، ومع ذلك لم يكلهم إلى فصاحتهم بل أمرهم بالتلقي، وما ذاك إلا لأن قراءة القران لها هيئة مخصوصة توقيفية» «٤» .


(١) ينظر في تعريف التلقي وبيان قواعده: تلقي النبي صلّى الله عليه وسلّم ألفاظ القران الكريم ص ١٢٧.
(٢) الحسن بن عبد الله بن سعيد العسكري أبو أحمد ت ٣٨٢ هـ: تصحيفات المحدثين ص ٧، تحقيق: محمود أحمد ميرة المطبعة العربية الحديثة، القاهرة، ط ١، ١٤٠٢ هـ.
(٣) البخاري (٣/ ١٣٨٥) ، مسلم (٤/ ١٩١٣) ، الحاكم (٣/ ٢٥٠) ، الترمذي (٥/ ٦٧٤) ، مراجع سابقة.
(٤) عبد العزيز بن عبد الفتاح القارئ (دكتور) : سنن القراء ومناهج المجودين ص ٤٨، مكتبة الدار، المدينة المنورة، ط ١، ١٤١٤ هـ.

<<  <   >  >>