للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أر منازلهم حين نزلوا بالنهار» «١» ، وقد عدوا من حكم تلاوة النبي صلّى الله عليه وسلم على أبي «أن يتعلم أبي الفاظه، وصيغة أدائه، ومواضع الوقوف، وصنع النغم في نغمات القران على أسلوب ألفه الشرع وقدره بخلاف ما سواه من النغم المستعمل في غيره» «٢» .

[ينبغي أن يتجه التغني بالقران وتزيين التصويت بألفاظه نحو التحزن:]

من الضوابط الهامة في التغني بالقران الكريم أنه لا بد من الميل باتجاه التصويت نحو الحزن، ويدل على ذلك في تعليم النبي صلّى الله عليه وسلم لأصحابه قوله صلّى الله عليه وسلم:

«اقرؤوا القران بالحزن فإنه نزل بالحزن» «٣» ، ويشهد لهذا الحديث قوله صلّى الله عليه وسلم: «إن أحسن الناس قراءة من إذا قرأ القران يتحزن» «٤» ، والميل بالقراءة نحو الحزن إخبار ضمني من القارئ بفقره وخشيته من ربه، واعترافه بالتقصير، وهي الضابط الحقيقي لحسن القراءة وزينتها، ثم ضبط النبي صلّى الله عليه وسلم لهم هذا التحزن وهو يعلمهم بأنه الذي يحقق هذا المقصد من إظهار الجزع على النفس بين يدي الله جل جلاله، والخشية منه، والإشفاق من عذابه، والطمع في رحمته كما في حديث ابن عمر قال سئل رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «من أحسن الناس صوتا بالقران قال: من إذا سمعت قراءته رأيت أنه يخشى الله عزّ وجلّ» «٥» .


(١) البخاري (٤/ ١٥٤٧) ، مسلم (٤/ ١٩٤٤) ، مرجعان سابقان.
(٢) شرح النووي (١٦/ ١٩) ، مرجع سابق.
(٣) مجمع الزوائد (٧/ ١٧٠) ، مرجع سابق، وقال: «رواه الطبراني في الأوسط وفيه إسماعيل بن سيف وهو ضعيف» .
(٤) مجمع الزوائد (٧/ ١٧٠) ، مرجع سابق، وقال: «رواه الطبراني وفيه ابن لهيعة وهو حسن الحديث وفيه ضعف» .
(٥) سعيد بن منصور (١/ ١٩٤) ، وفي زوائد تاريخ بغداد على الكتب السنة (٢/ ٥٤٣) ، مرجع سابق: «والحديث حسن بمجموع طرقه» .

<<  <   >  >>