للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الجواب على الاستدلال بهذه الروايات وأمثالها:]

١- ليس في ذلك دليل ظاهر على الدعوى؛ إذ غاية ما فيها أنها مثلت الجواز في تعدد القراات، وعدم تضارب المعاني على الرغم من ذلك بهذين المثالين، فقوله: «سميعا عليما وغفورا رحيما ... » ونحو ذلك «أراد به ضرب المثل للحروف التي نزل القران عليها أنها معان متفق مفهومها مختلف مسموعها لا تكون في شيء منها معنى وضده ولا وجه يخالف وجها خلافا ينفيه» «١» .

٢- وقرر القرطبي ذلك أيضا نقلا عن ابن الأنباري فقال: «هذا الحديث يوجب أن القراات المأثورة المنقولة بالأسانيد الصحاح عن النبي صلّى الله عليه وسلم إذا اختلفت ألفاظها واتفقت معانيها كان ذلك فيها بمنزلة الخلاف في هلم وتعال وأقبل فأما ما لم يقرأ به النبي صلّى الله عليه وسلم وأصحابه وتابعوهم رضي الله عنهم فإنه من أورد حرفا منه في القران بهت ومال وخرج من مذهب الصواب» «٢» .

٣- كما أن لهذا الحديث مدلولا اخر يتصل بعدم الغلو والتنطع في الإقراء، ويدل على التسامح وعدم الفزع عند وقوع الخطأ في اللفظ القراني أو في أدائه، ومثل ذلك ما روي عن عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه: ليس الخطأ أن تقرأ بعض القران في بعض ولا أن تختم اية «غفور رحيم» «بعليم حكيم» أو «بعزيز حكيم» ولكن الخطأ أن تقرأ ما ليس فيه أو تختم اية رحمة باية عذاب «٣» ، ولعل هذا يتكلم عن الوقوع لا عن الجواز ابتداء، ولذا تكلم العلماء على الوقوع المفسد «٤» وأن ضابطه تغير المعنى ...


(١) التمهيد (٨/ ٢٨٣) ، مرجع سابق.
(٢) القرطبي (١٩/ ٤٢) ، مرجع سابق.
(٣) عبد الرزاق (٣/ ٣٦٤) ، مرجع سابق.
(٤) وراجع: كتاب الخطأ في القراءة للنسفي- مخطوط عند الباحث مصور عن كتب خانة- الهند.

<<  <   >  >>