للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المطلب الرابع: تعليمهم صلّى الله عليه وسلّم الهيئة التي يكون عليها قارئ القران إذا أراد القراءة «١» :

أولا: علمهم صلّى الله عليه وسلّم ألا يمس المصحف إلا طاهر من كل حدث أصغر أو أكبر «٢» :

فقد علمهم النبي صلّى الله عليه وسلّم ذلك فيما رواه عبد الله بن أبي بكر بن حزم أن في الكتاب الذي كتبه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لعمرو بن حزم: «ألايمس القران إلا طاهر» «٣» وقال الإمام مالك تفصيلا وبيانا للعلة: «ولا يحمل أحد المصحف بعلاقته ولا على وسادة إلا وهو طاهر ولو جاز ذلك لحمل في خبيئته ولم يكره ذلك لأن يكون في يدي الذي يحمله شيء يدنس به المصحف ولكن إنما كره ذلك لمن يحمله وهو غير طاهر إكراما للقران وتعظيما له» «٤» ، وأما قوله جل جلاله: لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ (الواقعة: ٧٩) ، فلا يدل على المسألة على الراجح كما قال مالك: أحسن ما سمعت في هذه الاية لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ (٧٩) إنما هي بمنزلة هذه الاية التي في عبس وتولى قول الله تبارك وتعالى كَلَّا إِنَّها تَذْكِرَةٌ (١١) فَمَنْ شاءَ ذَكَرَهُ (١٢) فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ (١٣) مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ (١٤) بِأَيْدِي سَفَرَةٍ (١٥) كِرامٍ بَرَرَةٍ (عبس: ١١- ١٦) «٥» ، وقد استنبط العلماء ذلك التعظيم للمصحف من


(١) وانظر: القرطبي (١/ ٢٧) ، شعب الإيمان (٢/ ٣١٩) ، الفردوس بمأثور الخطاب (٣/ ٥٣٨) ، مرجعان سابقان.
(٢) انظر تفصيل هذه المسألة في: تفسير القرطبي (١٧/ ٢٢٧) ، مرجع سابق.
(٣) انظر في الكلام على صحة كتاب عمرو بن حزم: التمهيد (١٧/ ٣٩٧) ، مرجع سابق، (ابن رشد الحفيد) محمد بن أحمد بن محمد بن رشد القرطبي أبو الوليد ت ٥٩٥ هـ: بداية المجتهد ونهاية المقتصد (١/ ٣٠) ، دار الفكر، بيروت.
(٤) موطأ الإمام مالك (١/ ١٩٩) ، مرجع سابق.
(٥) موطأ الإمام مالك (١/ ١٩٩) ، مرجع سابق.

<<  <   >  >>