للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٧- ومن الحكم الظاهرة لهذا الترتيب: أن التلاوة للقران يجب أن تكون عامة للناس، وعامة في مجتمع المؤمنين ظاهرة لا يكون أحد من المؤمنين في المجتمع إلا سامعا أو قائما بها ... بالقدر الذي يجعل هجران القران المذكور في قول جل جلاله: وَقالَ الرَّسُولُ يا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً (الفرقان: ٣٠) ، منتف عنه.. أما التعليم للكتاب تعليما تفصيليا دقيقا ففرض كفاية يقوم به بعض المؤمنين عن المجتمع كله.

وهذا يقتضي منهجيا من الدولة المسلمة: العمل على إشاعة القران بالوسائل الإعلامية والتوجيهية المختلفة، ومواكبة تطور العصر في هذا السبيل.

[علاقة البلاغ بالتلاوة والتعليم:]

تقدم أن البلاغ هو الوصف المجمل لوظيفة النبي صلّى الله عليه وسلّم، ويزاد هنا توضيح ذلك:

فالبلاغ هو غاية التلاوة وهو باعث التعليم كما في قوله تعالى بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ (المائدة: ٦٧) ، ولا يبلغه إلا إذا تلاه، ولا بد من الإبانة في محاور البلاغ الثلاثة: التلاوة، والتعليم، والتزكية ... وهذا البلاغ ينبغي أن يبقى متواصلا لكل الأجيال القادمة كما في قوله- تعالى ذكره-: «لأنذركم به ومن بلغ» ، فاقتضى هذا أمورا من حيث العملية التعليمية لألفاظ القران الكريم:

بقاء تلاوته بعد النبي صلّى الله عليه وسلّم ليحدث البلاغ.

أن تكون تلاوته بالطريقة ذاتها التي تلاه بها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من حيث أداء اللفظ الخارجي ومن حيث أداؤه الداخلي، وإن لم يكن هذا فما بلغت رسالة الله إلى العالمين.

أن يعلم النبي صلّى الله عليه وسلّم صحابته طريقة تلاوته للقران الكريم وحفظه وأدائه ليتم ذلك البلاغ المتواصل، وأن يعلمهم صلّى الله عليه وسلّم طريقة التعليم ليعلموا من بعدهم حتى يبقى البلاغ متصلا.

<<  <   >  >>