للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٣- ألا تؤدي أحكام الترتيل إلى إلغاء الغاية من التلاوة وهي التدبر:

فتصبح القراءة بذلك مجرد مثار للطرب: كما قال سبحانه وتعالى: كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ مُبارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آياتِهِ (ص: ٢٩) ، ولذا قيل في قول أنس رضي الله عنه: «يمد صوته مدا» «أي يطيل الحروف الصالحة للإطالة يستعين بها على التدبر والتفكر وتذكير من يتذكر» «١» وليس الإطالة للتطريب المجرد.

وهذا الوصف هو الذي يتأتى منه الغرض من التلاوة وهو التدبر والتأمل كما في قوله سبحانه وتعالى: أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ (النساء: ٨٢) ، كما أنه هو الوصف الذي يتأتى معه الغرض من خشوع القلب كما في قوله جل جلاله: اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتاباً مُتَشابِهاً مَثانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ (الزمر: ٢٣) ولا تتأثر به الجلود والقلوب إلا إذا كان مرتلا، فإذا هذا كالشعر أو الكلام العادي لما فهم، وإذا كان مطربا كالأغاني لما أثر، فوجب الترتيل كما بين «٢» .

وتسلسلت المنهجية فنقل الصحابة ذلك الهم فعلموه تلاميذهم فعن حذيفة قال: «ليقرأن القران أقوام يقيمونه كما يقام القدح لا يدعون منه ألفا ولا يجاوز إيمانهم حناجرهم» «٣» .

٤- عدم التدافع المعنوي واللفظي في القران:

فنهاهم النبي صلّى الله عليه وسلم عن أن يخطئ بعضهم بعضا فيما كان الأمر فيه واسعا في تأدية الألفاظ أو في دلالاتها، فعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال:

سمع رسول الله صلّى الله عليه وسلم قوما يتدارؤن في القران فقال: «إنما هلك من كان قبلكم


(١) حاشية السندي (٢/ ١٧٩) ، مرجع سابق.
(٢) انظر: أضواء البيان (٨/ ٦١٠) ، مرجع سابق.
(٣) سعيد بن منصور في سننه (١/ ٢٤٩) ، مرجع سابق.

<<  <   >  >>