للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وشهد له الصحابة رضي الله عنهم بكمال البلاغ في الدنيا: فمنعوا بذلك أوهام المتخرصين أن يكون فرّط أو كتم أو خص بعض الناس بشيء من البيان العام الواجب تبليغه عليه صلّى الله عليه وسلّم، فعن ابن عباس أنه جاءه رجل فقال له: إن ناسا يأتونا فيخبرونا أن عندكم شيئا لم يبده رسول الله صلّى الله عليه وسلّم للناس، فقال ابن عباس: ألم تعلم أن الله سبحانه وتعالى قال: يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ «١» ، وعن مسروق عن عائشة قالت: من حدثك أن محمدا كتم شيئا مما أنزل الله عليه فقد كذب وهو يقول يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ «٢» .

[مادة البلاغ الأساسية:]

ومادة البلاغ الأساسية هي القران الكريم كما قال جل جلاله: وَأُوحِيَ إِلَيَّ هذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ (الأنعام: ١٩) ، وقال عزّ وجلّ: وَهذا كِتابٌ أَنْزَلْناهُ مُبارَكٌ مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى وَمَنْ حَوْلَها (الأنعام: ٩٢) أي:

«مكة ومن حولها من أحياء العرب وسائر طوائف بني ادم من عرب وعجم» «٣» ، وقال جل جلاله: وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الْأَحْزابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ (هود: ١٧) ، وقال سبحانه وتعالى:

تَبارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ عَلى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعالَمِينَ نَذِيراً (الفرقان: ١) .

ولأن مادة البلاغ الأساسية هي القران قال ابن عباس رضي الله عنها في قوله سبحانه وتعالى:

وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ (المائدة: ٦٧) : «يعني إن كتمت اية مما أنزل


(١) تفسير ابن كثير: (٢/ ٧٨) ، وقال عن هذا الحديث: «وهذا إسناد جيد» ، وتتمته: «والله ما ورثنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم سوداء في بيضاء» .
(٢) البخاري (٦/ ٢٧٣٩) ، مرجع سابق.
(٣) ابن كثير (٢/ ١٥٧) ، مرجع سابق.

<<  <   >  >>