للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ايات الواقعة وعبس، ولكن بطريق اخر «لأن الملائكة يعظمون المصاحف المشتملة على القران في الملأ الأعلى فأهل الأرض بذلك أولى وأحرى لأنه نزل عليهم وخطابه متوجه إليهم فهم أحق أن يقابلوه بالإكرام والتعظيم والانقياد له بالقبول والتسليم» «١» ، وقد علم الصحابة أصحابهم ذلك.

وذكر ابن عبد البر رواية تؤكد إرادة معنى الوضوء هي (ألايمس القران إلا على طهور) ، ولذا لم يختلف فقهاء الأمصار بالمدينة والعراق والشام أن المصحف لا يمسه إلا الطاهر على وضوء، وهو قول مالك والشافعي وأبي حنيفة والثوري والأوزاعي وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهواه وأبي ثور وأبي عبيد وهؤلاء أئمة الفقه والحديث في أعصارهم «٢» .

[تسلسل المنهجية:]

وحرص الصحابة على ذلك فعن مصعب بن سعد أنه قال: كنت أمسك المصحف على سعد بن أبي وقاص فاحتككت فقال سعد:

لعلك مسست ذكرك فقلت: نعم فقال قم فتوضأ فقمت فتوضأت ثم رجعت «٣» ، وعن عبد الرحمن بن يزيد قال: كنا مع سلمان فخرج فقضى حاجته، ثم جاء فقلت: يا أبا عبد الله لو توضأت لعلنا أن نسألك عن ايات قال: إني لست أمسه إنما لا يمسه إلا المطهرون فقرأ علينا ما شئنا «٤» .

ثانيا: علمهم النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه يجوز القراءة على كل حال ما لم يكن جنبا:

فعدم المس لا يعني اطّراح القراءة، بل القراءة مطلوبة على كل حال ما لم يكن المرء جنبا، وذلك ما علمه الصحابة رضي الله عنهم لمن بعدهم كما تعلموه من النبي صلّى الله عليه وسلّم


(١) ابن كثير (٤/ ١٢٣) ، مرجع سابق.
(٢) انظر: التمهيد (١٧/ ٣٩٧) ، مرجع سابق.
(٣) البيهقي في الكبرى (١/ ٨٨) ، مرجع سابق.
(٤) البيهقي في الكبرى (١/ ٨٨) ، مرجع سابق.

<<  <   >  >>