للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كهذ الشعر؟ إن أقواما يقرؤون القران لا يجاوز تراقيهم ولكن إذا وقع في القلب فرسخ فيه نفع إن أفضل الصلاة الركوع والسجود.. «١» ..

وهذا كله يدل على أن الغالب على قراءته التحقيق.

وقد علمهم النبي صلّى الله عليه وسلم الفرق بين الهذ وبين الحدر:

فالهذ هو السرعة المفرطة التي تخل بقواعد التلاوة، والحدر هو الهذ المعتدل الملتزم بأركان الترتيل بمعناه العام: ويدل لهذا قول النبي صلّى الله عليه وسلم- فيما رواه عبد الله بن بريدة عن أبيه- قال: كنت جالسا عند النبي صلّى الله عليه وسلم فسمعته يقول: « ... ثم يقال له اقرا واصعد في درج الجنة وغرفها فهو في صعود ما دام يقرأ هذا كان أو ترتيلا» «٢» ، وفي رواية «فهو في صعود ما دام يقرأ حدرا كان أو ترتيلا» «٣» ، فقوله «هذا كان أو ترتيلا» يدل على أن المراد مدى السرعة في تتابع الصوت لا على ترك الأحكام، فالترتيل هنا بمعناه الخاص لا العام الشامل للحدر التدوير والتحقيق «٤» ، ويدل على هذا حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «يقال لصاحب القران اقرأ وارق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا فإن منزلتك عن اخر اية تقرؤها» «٥» ، فإن هذا الحديث يبين معنى التخيير في الحديث الأول بأنه تخيير بين أنواع الترتيل بالمعنى العام الشامل لجميع مراتب الترتيل فلذا قال له هنا «ورتل كما كنت ترتل في الدنيا» أي بأحد أنواع الترتيل


(١) البخاري (١/ ٢٦٩) ، مسلم (١/ ٥٦٣) ، مرجعان سابقان.
(٢) الدارمي (٢/ ٥٤٣) ، مرجعان سابقان.
(٣) وقال في مجمع الزوائد (٧/ ١٥٩) ، مرجع سابق: «روى ابن ماجة منه طرفا رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح» .
(٤) ويحتمل أن للقارئ ذلك حتى لو لم يقرأه على الطريقة الواجبة رحمة من الله وفضلا ... وهذا الاحتمال ضعيف.
(٥) النسائي في الكبرى (٥/ ٢٢) ، مرجع سابق.

<<  <   >  >>