للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سادت قراءته: فقد قال سويد بن عبد العزيز التنوخي: كان أبو الدرداء إذا صلى الغداة في جامع دمشق اجتمع الناس للقراءة عليه، فكان يجعلهم عشرة عشرة، ويجعل على كل عشرة منهم عريفا، ويقف هو قائما في المحراب يرمقهم ببصره وبعضهم يقرأ على بعض، فإذا غلط أحدهم رجع إلى عريفهم، فإذا غلط عريفهم رجع إلى أبي الدرداء فسأله عن ذلك.

وكان ابن عامر عريفا على عشرة، وكان كبيرا فيهم، فلما مات أبو الدرداء خلفه ابن عامر، وقام مقامه مكانه، وقرأ عليهم جميعهم فاتخذه أهل الشام إماما، ورجعوا إلى قراءته، وعن أبي عبيد الله مسلم ابن مشكم، قال لي أبو الدرداء: اعدد من يقرأ عندي القران، فعددتهم ألفا وستمائة ونيفا، وكان لكل عشرة منهم مقرئ، وكان أبو الدرداء يطوف عليهم قائما يستفتونه في حروف القران، فإذا أحكم الرجل منهم تحول إلى أبي الدرداء، فقد بلغ تلاميذه ألفا وستمائة ونيفا يقرئهم جميعا في يوم واحد بطريقة فذة، كأنه أسس بها جامعة قرانية لها نظمها الإدارية المختلفة «١» .

١٥- معاذ بن جبل رضي الله عنه:

وهو الذي ورد في حديث أنس وعبد الله بن عمرو السابقين، وقد كان شيخ الناس في القران وإمام العلماء، والناس يصدرون عنه لولا أنه لم يعمّر فعن أبي إدريس الخولاني قال: دخلت مسجد حمص فإذا حلقة فيها نيف وثلاثون رجل من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم فجعل الرجل يقول: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول كذا وكذا وينصت له الاخرون، وفيهم فتى أدعج براق


(١) جمال القراء وكمال الإقراء (٢/ ٤٥٤) ، مرجع سابق، وانظر: سير أعلام النبلاء (٢/ ٣٥٣) ، مرجع سابق.

<<  <   >  >>