للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما ما رواه حذيفة رضي الله عنه في تقديم النساء على ال عمران في صلاة الليل فأي حجة فيه، وترتيب السور في التلاوة غير ملتزم لأنه لا يفسد نظم القران كما سبق، على أن هذه الرواية قد ورد ما يخالفها فقد قال حذيفة رضي الله عنه فيما رواه أبو داود: ... فقرأ فيهن البقرة وال عمران والنساء والمائدة أو الأنعام «١» .

وقال ابن حزم تأكيدا على ذلك: «ما رويناه بالأسانيد الصحيحة أنه صلّى الله عليه وسلم كان لا يعرف فصل سورة حتى تنزل بسم الله الرحمن الرحيم وأنه صلّى الله عليه وسلم كانت تنزل عليه الاية فيرتبها في مكانها ... فصح بهذا أن رتبة الاي ورتبة السور مأخوذة عن الله عز وجل إلى جبريل ثم إلى النبي صلّى الله عليه وسلم لا كما يظنه أهل الجهل أنه ألف بعد موت النبي صلّى الله عليه وسلم ولو كان ذلك ما كان القران منقولا نقل الكافة، ولا خلاف بين المسلمين واليهود والنصارى والمجوس أنه منقول عن محمد صلّى الله عليه وسلم نقل التواتر، ويبين هذا أيضا ما صح أنه صلّى الله عليه وسلم كان يعرض القران كل ليلة في رمضان على جبريل فصح بهذا أنه كان مؤلفا كما هو عهد الرسول صلّى الله عليه وسلم وقوله صلّى الله عليه وسلم:

«تركت فيكم الثقلين كتاب الله وأهل بيتي» ، ... وأمر صلّى الله عليه وسلم عبد الله بن عمرو بقراءة القران في أيام لا تكون أقل من ثلاث فكيف يقرأ ويجمع وهو غير مؤلف؟

هذا محال لا يمكن البتة» «٢» .

[ولعل السبب في هذا الخلاف يعود إلى أمرين:]

[أولهما:]

طغيان المنهج الحديثي في معالجة القضايا المتعلقة بعلوم القران الكريم، ولا شك أن هناك نقاط التقاء كثيرة بين المنهجين الحديثي والقرائي، ولكن لا ريب أيضا أن هناك نقاط افتراق أصلية.


(١) أبو داود (١/ ٢٣١) ، مرجع سابق.
(٢) الإحكام لابن حزم (٦/ ٢٦٥) ، مرجع سابق.

<<  <   >  >>