للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولا ينبغي أن يقال إن في ذلك رئاء؛ إذ هذا أمر قلبي لا يحكم به ها هنا فقد كان صلى الله عليه وسلم القدوة العظمى في ذلك، فعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال لي النبي صلى الله عليه وسلم: «اقرأ علي القران» ، قلت: اقرأ عليك وعليك أنزل؟ قال: «إني أحب أن أسمعه من غيري» ، قال: نعم! فقرأت سورة النساء حتى أتيت إلى هذه الاية فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً (النساء: ٤١) قال حسبك الان، فالتفت إليه فإذا عيناه تذرفان.

وتسلسلت المنهجية فكان الترتيل سمت الصحابة رضي الله عنهم يميل نحو الحزن فعن بن أبي مليكة قال: صحبت ابن عباس من مكة إلى المدينة كان إذا نزل قام شطر الليل، فسأله أيوب: كيف كانت قراءته؟ قال قرأ وَجاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذلِكَ ما كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ (ق: ١٩) فجعل يرتل ويكثر في ذلكم النشيج «١» ، وهكذا علم النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه من أئمة الإقراء، فكانت قراءتهم كذلك: فعن سليمان بن مسلم بن جماز الزهري قال: سمعت أبا جعفر يحكي لنا قراءة أبي هريرة رضي الله عنه عنه في إذا الشمس كورت يحزنها شبه الرثاء «٢» .

[المطلب الثالث: تعليمهم الترجيع لألفاظ القران الكريم:]

[الأحاديث التعليمية الواردة في ذلك:]

علمهم النبي صلى الله عليه وسلم الترجيع ففي حديث عبد الله بن مغافل رضي الله عنه قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ وهو على ناقته أو جمله وهي تسير به وهو يقرأ سورة الفتح أو من سورة الفتح قراءة لينة يقرأ وهو يرجع «٣» قال معاوية بن قرة: لولا أن أخشى أن


(١) فضائل الصحابة (٢/ ٩٥٠) .
(٢) السبعة ص ٥٧، مرجع سابق.
(٣) البخاري (٤/ ١٥٦٠) ، مرجع سابق.

<<  <   >  >>