للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إليك من ربك لم تبلغ رسالته» «١» ، وقال لهم النبي صلّى الله عليه وسلّم: قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً (الأنعام: ٩٠) ، «أي لا أطلب منكم على إبلاغي إياكم هذا القران أجرا أي أجرة ولا أريد منكم شيئا» «٢» كما كان يبين أن هذا العلم الذي أوتيه، وأمر بتبليغه خير كثير كما قال صلّى الله عليه وسلّم: «قد علمني الله عز وجل خيرا» «٣» ، فتحددت وظيفة البلاغ بإيصال مادته الأساسية إلى هؤلاء الأحزاب باختلاف أمصارهم وأعصارهم.

[الإبانة في البلاغ:]

ونلحظ أن (الإبانة) صفة ضرورية ملازمة لوظيفة البلاغ، والإبانة نوعان:

١- إبانة لفظية: أي يجب على الرسول صلّى الله عليه وسلّم أن يكون لفظه بالبلاغ مبينا كما في قوله تعالى: بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ (الشعراء: ١٩٥) .

٢- وإبانة معنوية: أي يجب على الرسول صلّى الله عليه وسلّم أن يبين تأويل الكلام الذي أمر بتبليغه كما في قوله سبحانه وتعالى: وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ (النحل: ٤٤) ، فمما «يجب أن يعلم أن النبي صلّى الله عليه وسلّم بين لأصحابه رضي الله عنهم معاني القران، كما بين لهم ألفاظه، فقوله تعالى: لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ يتناول هذا وهذا» «٤» .

[الاتصال بين الإبانة اللفظية والإبانة المعنوية:]

واللفظ والمعنى متصلان اتصالا وثيقا إلا أنه لا يمكن للمعنى الثبات مع اهتزاز لفظه أو تغييره في الكلام المعجز إذ أول أوجه إعجازه تتمثل في إعجازه في لفظه كما لخص الخطابي- رحمه الله تعالى- أركان إعجاز القران في: «اللفظ الحامل،


(١) ابن كثير (٢/ ٧٩) ، مرجع سابق.
(٢) ابن كثير (٢/ ١٥٧) ، مرجع سابق.
(٣) أحمد (٥/ ٣٦٨) ، وقال ابن كثير في تفسيره (٣/ ٤٥٦) ، مرجع سابق: «وهذا إسناد صحيح» .
(٤) مقدمة في أصول التفسير (ص ٢٠٨) .

<<  <   >  >>