للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المطلب الثاني: من أشهر أئمة الإقراء من أصحاب النبي صلّى الله عليه وسلم على سبيل التفصيل:

[أبو بكر الصديق رضي الله عنه:]

فقد كان من حفظة كتاب الله عزّ وجلّ وممن جمع القران عن ظهر قلب، ومن أكثر القوم قراءة، وذلك لا مراء فيه لمن يعرف حال أبي بكر رضي الله عنه مع شدة حرصه على تلقي القران من النبي صلّى الله عليه وسلم، وفراغ باله له وهما بمكة، وكثرة ملازمة كل منهما للاخر حتى بينت عائشة أن النبي صلّى الله عليه وسلم كان يأتيهم بكرة وعشية «١» فماذا ترى النبي صلّى الله عليه وسلم كان يفعل إلا بيان اخر ما نزل من الوحي عليه، مع ظهور اهتمام أبي بكر وحفظه وتلاوته، حتى اتخذ له مسجدا في بيته يقرأ فيه مستعلنا، وهذا الحديث يدل دلالة واضحة على عدة أمور أساسية:

أ- أن أبا بكر كان يحفظ القران أولا بأول، كيف والنبي صلّى الله عليه وسلم يغدو إليه ويروح، وهل يكون حديث بينهما أهم من الوحي المنزل؟.

ب- أن أبا بكر كان يقرأ القران بالترتيل (التجويد) الذي أمر الله به في السورة الثالثة في ترتيب النزول «٢» ... وذلك هو الذي أعجب النساء والأطفال وجذبهم نحوه.

فهذا حاله رضي الله عنه في مكة من ملازمة النبي صلّى الله عليه وسلم حتى كان صاحبه الوحيد الذي انفرد بمنقبة مصاحبته له في هجرته صلّى الله عليه وسلم بأمر رسول الله صلّى الله عليه وسلم له، وأما حاله في المدينة من الملازمة فقد وصفها عمر بن الخطاب رضي الله عنه بقوله: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلم لا يزال يسمر عند أبي بكر الليلة في الأمر من أمور المسلمين، وإنه سمر عنده ذات ليلة وأنا


(١) البخاري (١/ ١٨١) ، ابن خزيمة (١/ ١٣٣) ، مرجعان سابقان.
(٢) انظر: الإتقان (١٦٩) ، مرجع سابق.

<<  <   >  >>