للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[العلاقة بين التلاوة والقراءة:]

مما سبق يتبين أن العلاقة بين التلاوة القراءة علاقة عموم وخصوص وجهي، فكل منهما خاصة من وجه عامة من وجه اخر، فالتلاوة خاصة من الناحية العرفية بقراءة القران الكريم أو ما يماثله من الكتب المنزلة، عامة من حيث ضرورة اجتماع الاتباع اللفظي مع المعنوي، والقراءة عامة من حيث شمولها لكل مقروء كتابا منزلا أو غيره، خاصة في الأمر النظري دون المعنوي، وعلى هذا ينزل قول الراغب: «التلاوة الاتباع، وهي تقع بالجسم تارة، وتارة بالاقتداء في الحكم، وتارة بالقراءة وتدبر المعنى، والتلاوة في عرف الشرع تختص باتباع كتب الله تعالى المنزلة تارة بالقراءة، وتارة بامتثال ما فيه من أمر ونهي، وهي أعم من القراءة فكل قراءة تلاوة من غير عكس» «١» .

[المطلب الثاني: علاقة التلاوة بالتعليم:]

والمراد هنا هل التلاوة وظيفة تعليمية في ذاتها؟ وما خصائصها الدالة على ذلك؟.

[التلاوة وظيفة تعليمية:]

وذلك لأن مجرد إلقاء اللفظ القراني يتضمن الإشارة إلى السامع أن يؤمن به ويتعلمه من حيث هو قران، ويدعم هذه الحقيقة الواقعية من الناحية الشرعية قوله جل جلاله وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها (الإسراء: ١١٠) كما قال ابن عباس رضي الله عنهما: «ولا تجهر بصلاتك أي بقراءتك فيسمع المشركون فيسبون القران، ولا تخافت بها عن أصحابك فلا تسمعهم القران حتى يأخذوه عنك» »

، وفي هذا إيضاح لطبيعة الوظيفة التعليمية لألفاظ القران الكريم، وإصرار على تثبيتها في نفوس الملأ على أنها أساس وظائفه، وجوهر تبليغه.


(١) (الراغب) أبو القاسم الحسين بن محمد الأصفهاني ت ٥٠٢ هـ: المفردات في غريب القران (ص ٧٩) .
(٢) ابن كثير (٣/ ٧٠) ، مرجع سابق، والحديث في صحيح ابن خزيمة (٣/ ٣٩) .

<<  <   >  >>