للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعلى كل حال فالمفصل هو «ما بعد ال حم سمي مفصلا لقصر سوره وقرب انفصال بعضهن من بعض» «١» .

المطلب الرابع: تعليمه صلّى الله عليه وسلم عد الاي (علم الفواصل) :

كل ما سبق من الأدلة بالإضافة إلى الدليل الأصلي الأساس وهو التلقي تدل على أن علم العدد علم توقيفي لا مدخل للاجتهاد فيه إلا بصورة طفيفة تسببت في تنوع عدد الايات مع الاتفاق الكامل على فحواها؛ فالراوي في الاثار السابقة صحابي تعلم من النبي صلّى الله عليه وسلم هذا القدر من الايات وهو ما يعني ضمنا تعلمه لموضع كل اية.

وكذلك فإن كثيرا مما سبق من الأحاديث التي تعين عددا معينا من الايات بالإضافة إلى التلقي تدل على أن النبي صلّى الله عليه وسلم علمهم عدد الايات تفصيليا، وأشار صاحب الكشاف في تفسير أول البقرة إلى توقيفية علم العدد: «فإن قلت فما بالهم عدوا بعض هذه الفواتح اية دون بعض؟ قلت: هذا علم توقيفي لا مجال للقياس فيه كمعرفة السور ... » «٢» .

وما يقال عن علل هذا العدد يبقى مجرد استنباط كقولهم لم يعدوا الوتر لأنها حرف واحد، ولا طس لأنها خالفت أختيها بحذف الميم ولأنها تشبه المفرد ...

وكلها مجرد علل استنباطية تشبه العلل التي يقول عنها أهل العلم: علة نحوي!.

ولشدة تعلمهم رضي الله عنهم كيفية عد الاي من النبي صلّى الله عليه وسلم صار ذلك بالنسبة لهم بديهية حتى بات مقايسا يقيسون به الأطوال الزمنية فعن عائشة أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم


(١) شرح النووي (٦/ ١٠٦) ، الديباج على صحيح مسلم (٢/ ٤١٥) ، مرجعان سابقان.
(٢) (الزمخشري) أبو القاسم جار الله محمود بن عمر الخوارزمي (٤٦٧- ت ٥٣٨ هـ) : الكشاف (١/ ٧) ، دار المعرفة، بيروت.

<<  <   >  >>