للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اللفظ بالذكر حال الانتهاء من القراءة، ويدل على هذا تعدد اللفظ، ولعل المراد من التبويب بيان جواز الإسكات بأي لفظ كان، مع أن المتكلم يرتل كلام الله سبحانه وتعالى، وعدم ذكر التصديق ونحوه من ألفاظ التعظيم والتنزيه هنا لا يدل على العدم المطلق.

أدلة مشروعية الصدقلة «١» أو ما يقوم مقامها من ألفاظ التنزيه:

ويستدل لذلك- حال وجود ضرورة للاستدلال هنا- بقول الله عزّ وجلّ: قُلْ صَدَقَ اللَّهُ (ال عمران: ٩٥) ، «أي قل يا محمد صدق الله فيما أخبر به وفيما شرعه في القران» «٢» ، والاستماع إلى القران استماع لخبر الله عزّ وجلّ وكلامه- أخبارا أو أحكاما- فكيف لا يصدق عند الانتهاء من الاستماع وقد علمنا النبي صلّى الله عليه وسلم ذلك بهذه الاية والمعنى «قل يا محمد صدق الله فيما أخبرنا به» «٣» ، وقد فعل النبي صلّى الله عليه وسلم وأنفذ أمر الله عزّ وجلّ في نفسه فكان يقول صدق الله في مواقف متعددة منها:

١- عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى النبي صلّى الله عليه وسلم فقال: إن أخي استطلق بطنه فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «اسقه عسلا» فسقاه، ثم جاءه فقال:

إني سقيته عسلا فلم يزده إلا استطلاقا، فقال له ثلاث مرات ثم جاء الرابعة فقال: «اسقه عسلا» فقال لقد سقيته فلم يزده إلا استطلاقا فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم:

«صدق الله وكذب بطن أخيك» فسقاه فبرئ «٤» ، وما قال ذلك إلا أنه استحضر قوله سبحانه وتعالى: فِيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ (النحل: ٦٩) .


(١) أي صدق الله العظيم، وهو مصدر منحوت كالبسملة والحوقلة.
(٢) ابن كثير (١/ ٣٨٣) ، مرجع سابق.
(٣) الطبري (٤/ ٦) ، مرجع سابق.
(٤) البخاري (٥/ ٢١٣٥) ، مسلم (٤/ ١٧٣٦) ، مرجع سابق.

<<  <   >  >>