للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وصفة الكلام هنا أن علة الاختلاف هي إلزامية تعليم القران، وأن القائلين بالإباحة يجدون الأجرة تعين على التفرغ، وهي أجرة على حق في مقابل من يأكله على باطل، وإن كانت الكمية الملزمة تختلف من فرض العين إلى فرض الكفاية- حتى كان من أجوبة من أباح الأجرة على أدلة من منعها: «أن تكون الاية- أي وَلا تَشْتَرُوا بِآياتِي ثَمَناً قَلِيلًا (البقرة: ٤١) - فيمن تعين عليه التعليم فأبى حتى يأخذه عليه أجرا فأما إذا لم يتعين فيجوز له أخذ الأجرة» «١» ومن ثم فيجب على الإمام أن يعين المقرئين لإقامة الدين من بيت المال، وإلا فعلى المسلمين لأن الصديق رضي الله عنه لما ولي الخلافة وعين لها لم يكن عنده ما يقيم به أهله فأخذ ثيابا وخرج إلى السوق فقيل له في ذلك فقال: ومن أين أنفق على عيالي؟

فردوه وفرضوا له كفايته «٢» .

ورجح ابن تيمية أن الأجرة تباح «للمحتاج، ولهذا اتفق العلماء على أنه يرزق الحاكم وأمثاله عند الحاجة وتنازعوا في الرزق عند عدم الحاجة وأصل ذلك في كتاب الله في قوله سبحانه وتعالى في ولي اليتيم وَمَنْ كانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ (النساء: ٦) «٣» .

والحاجة- فيما يظهر- ليس للشخص الذي لا بد من تفرغه، بل لسد ثغرة الدين الأعظم من كل الثغور، وهي تعليم أصل أصول الإسلام والمسلمين، وجعله عاما شائعا في حياة المسلمين ... والتفرغ في الغالب مطلوب لذلك لجسامة المهمة التي يقوم بها معلم القران، وضرورة تفرغه في الغالب لتبعاتها ...


(١) القرطبي (١/ ٣٣٦) ، مرجع سابق.
(٢) القرطبي (١/ ٣٣٦) ، مرجع سابق.
(٣) ابن تيمية (٣٠/ ١٩٣) ، مرجع سابق.

<<  <   >  >>