للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وتعرض ابن القيم لهذه المسألة فقال: «المسابقة على حفظ القران والحديث والفقه وغيره من العلوم النافعة والإصابة في المسائل هل تجوز بعوض؟ منعه أصحاب مالك وأحمد والشافعي وجوزه أصحاب أبي حنيفة وشيخنا وحكاه ابن عبد البر عن الشافعي، وهو أولى من الشباك والصراع والسباحة، فمن جوز المسابقة عليها بعوض فالمسابقة على العلم أولى بالجواز، وهي صورة مراهنة الصديق لكفار قريش على صحة ما أخبرهم به وثبوته، ولم يقم دليل شرعي على نسخه وأن الصديق أخذ رهنهم بعد تحريم القمار وأن الدين قيامه بالحجة والجهاد فإذا جازت المراهنة على الات الجهاد فهي في العلم أولى بالجواز» «١» ...

وهذا الحفاوة النبوية بحملة القران الكريم تقتضي- واقعا- أن تعقد لهم الاحتفالات في عصرنا، وتشهر أسماؤهم في وسائل الإعلام، ويعطون أعلى الأوسمة حال المسابقات، واللافت للنظر أن ما يحفل به الناس هذه الأيام من الفن والرياضة، لم يكن له هذا الرصيد من الحفاوة في العهد النبوي- وإن كان هذان الأمران قد يحترمان في بعض الجوانب الإيجابية، أو غير السيئة، وقد تعقد له دعاية معينة بحدودها في أوساط الأمة كما في سباق النبي صلّى الله عليه وسلّم للخيل المضمرة إلا أن الفرق شاسع بين الدعاية الحقة التي بثها النبي صلّى الله عليه وسلّم لحملة القران وبين هذين الصنفين.

ولكن يجب دراسة الأساليب التي تضبط نفوس المشاركين- قدر الإمكان- نحو الإخلاص، وطلب الدار الاخرة.


(١) شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أبي بكر أيوب الزرعي ت ٧٥١ هـ: الفروسية، تحقيق: مشهور بن حسن بن محمود بن سلمان، دار الأندلس، السعودية- حائل، ط ١، ١٤١٤ هـ- ١٩٩٣ م.

<<  <   >  >>