للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن أعظم مخاطر اقتصار المقرئ على مجرد تلقين الألفاظ أن يفسد عمله في تعليم الناس القران دون أن يشعر:

إذ أصناف القراء على التحقيق ثلاثة: «فمن حملة القران المعرب العالم بوجوه الإعراب والقراات العارف باللغات ومعاني الكلمات البصير بعيب القراات المنتقد للاثار فذلك الإمام الذي يفزع إليه حفاظ القران في كل مصر من أمصار المسلمين، ومنهم من يعرب ولا يلحن ولا علم له بغير ذلك فذلك كالأعرابي الذي يقرأ بلغته ولا يقدر على تحويل لسانه فهو مطبوع على كلامه، ومنهم من يؤدي ما سمعه ممن أخذ عنه ليس عنده إلا الأداء لما تعلم لا يعرف الإعراب ولا غيره فذلك الحافظ فلا يلبث مثله أن ينسى إذا طال عهده فيضيع الإعراب لشدة تشابهه وكثرة فتحه وضمه وكسره في الاية الواحدة لأنه لا يعتمد على علم بالعربية ولا بصر بالمعاني يرجع إليه وإنما اعتماده على حفظه» «١» .

وعلى ضوء هذا يفهم معنى ما جاء عن ابن المبارك عندما قام رجل إليه فقال: يا أبا عبد الرحمن! في أي شيء أجعل فضل يومي في تعلم القران أو في طلب العلم؟ فقال: هل تقرأ من القران ما تقيم به صلاتك؟ قال: نعم! قال:

فاجعله في طلب العلم الذي يعرف به القران «٢» .

كما أن المراد بتعلم المعاني ليس تعلم العلوم بالمعنى المصطلحي- وإن كان مطلوبا للمتأهل والمتصدر للإقراء، بل المراد بالنسبة للعامة من المقرئين التدبر وفهم المعنى على الأقل.


(١) السبعة ص ٤٦، مرجع سابق.
(٢) حلية الأولياء (٨/ ١٦٥) ، مرجع سابق.

<<  <   >  >>