للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأبرز مثال يمكن اصطحابه هنا لتقريب هذا الموضوع:

ما جاء في حديث أبي سفيان عن ما حدث بينه وبين هرقل؛ إذ فيه أن النبي صلّى الله عليه وسلم قال لهرقل: «فإني أدعوك بدعاية الإسلام أسلم تسلم يؤتك الله أجرك مرتين فإن توليت فإن عليك إثم الأريسيين قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ تَعالَوْا إِلى كَلِمَةٍ سَواءٍ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنا بَعْضاً أَرْباباً مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ (٦٤) (ال عمران: ٦٤) «١» ، فالواو هنا حكم عليها بأنها زيادة على الاية سابقا خضوعا لمنهج التواتر القراني؛ إذ وقعت (ويا أهل الكتاب الخ) هكذا بإثبات الواو في أوله، كأنها داخلة على مقدر معطوف على قوله أدعوك فالتقدير أدعوك بدعاية الإسلام وأقول لك ولاتباعك امتثالا لقول الله تعالى يا أهل الكتاب.. «٢» ..

ولذا قال مجاهد- رحمه الله تعالى-:

«لو كنت قرأت قراءة ابن مسعود لم أحتج أن أسأل ابن عباس عن كثير من القران مما سألت» «٣» ، وكلام مجاهد هنا يدل دلالة واضحة على أن «القراات الشاذة» التي تنسب إلى مصحف ابن مسعود تفسير من ابن مسعود وليست بقراءة قرانية.

ومثال ذلك ما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما: «ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم في مواسم الحج مع نظائر لهذه الحروف كثيرة» «٤» ، وقرر ابن حزم


(١) البخاري (١/ ٩) ، مرجع سابق.
(٢) فتح الباري (١/ ٣٩) ، مرجع سابق.
(٣) الترمذي (٦/ ٤١١) ، مرجع سابق.
(٤) انظر: القرطبي (١/ ٨٤) ، مرجع سابق.

<<  <   >  >>