للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد قال الشافعي: «من متناقض القول الجمع بين قبول رواية القراءة الشاذة في القران، وبين رد الزيادة التي ينفرد بعض الرواة الثقات مع العلم بأن سبيل إثبات القران أن ينقل استفاضة وتواترا» «١» .

ولذا قال السخاوي ردا على من يزعم وجود سورة تسمى الخلع، أو ينفي المعوذتين: «فهذا أيضا مما أجمع المسلمون على خلافه» «٢» ، وقرر الإمام الفخر الرازي ذلك فقال: «إن المسلمين أجمعوا على أن ما بين الدفتين كلام الله تعالى، وكلام الله لا يجوز أن يكون لحنا وغلطا، فثبت فساد ما نقل عن عثمان وعائشة رضي الله عنهما» «٣» . وحسب المرء شذوذا ونكرا في فعله أن يخالف إجماع المسلمين جميعا فيما حفظوه سطرا وصدرا.

وهذا هو منهج السلف رحمهم الله عزّ وجلّ، ومن نصوصهم في ذلك:

قال خلاد بن يزيد الباهلي: قلت ليحي بن عبد الله بن أبي مليكة: إن نافعا حدثني عن أبيك عن عائشة رضي الله عنها أنها كانت تقرأ «إذ تلقونه، وتقول: إنما هو ولق الكذب، فقال يحي: ما يضرك إلا أن تكون سمعته من عائشة رضي الله عنها، نافع ثقة على أبي، وأبي ثقة على عائشة رضي الله عنها، وما يسرني أن قرأتها هكذا ولي كذا وكذا. قلت:

ولم؟ وأنت تزعم أنها قالت؟ قال: لأنها غير قراءة الناس ونحن لو وجدنا رجلا يقرأ بما ليس بين اللوحين ما كان بيننا وبينه إلا التوبة أو تضرب عنقه نجيء به عن الأمة عن النبي صلى الله عليه وسلم وتقولون أنتم: حدثنا فلان الأعرج عن فلان الأعمى ما أدري ماذا؟ أن ابن مسعود يقرأ غيرها في اللوحين؟ إنما هو والله ضرب العنق، أو التوبة «٤» .


(١) البرهان للجويني (١/ ٤٢٦) ، مرجع سابق.
(٢) جمال القراء وكمال الإقراء (١/ ٣٩) ، مرجع سابق.
(٣) مفاتيح الغيب (٢٢/ ٧٥) ، مرجع سابق.
(٤) القول الجاذ لمن قرأ بالشاذ ص ٥٨، مرجع سابق.

<<  <   >  >>