ولم يفت البخاري ومسلمًا حديثٌ صحيحٌ مما يحتاج إليه في أحكام الحلال والحرام.
وقل أن يعرض صاحبا الصحيح عن حديث في أبواب الأحكام إلا لعلة فيه.
والصحيحان أصل في معرفة منهج الأئمة المتقدمين في التصحيح.
وهما أصل في الأسانيد الصحيحة ومعرفة الحديث المعل.
وهما حصن حصين وسد منيع، لا بدّ من بذل المهج في الذب عنهما.
وإذا اتفقا على رواية حديث من وجه واحدة وعند أحدهما زيادة فلينتبه للزيادة، فإن منها ما فيه علة.
وإذا روى أحدهما حديثًا وأعرض عنه الآخر فمن المهم تدبره.
وليس لأحدهما مزية على الآخر في أحاديث الأحكام، فكلاهما لا يخرج فيها إلّا أصح وأحسن ما في الباب.
ومن الخطأ اعتقاد تقديم أسانيد البخاري على أسانيد مسلم، في هذا الباب.
ولكن في الفضائل والترغيب فأسانيد البخاري أصح وأحسن، يعلم هذا من تدبَّرَ وفَتَّشَ.
وقد وافق مسلمٌ البخاريَّ حتى في عدة الأحاديث.
وقد يخرجان الحديث ويوردان عقبه ألفاظًا يريدان بها إعلالها.
وقد يخرجان السند المنتقد ويردان بيان أنه معل أو يريدان نفي التفرد عن الراوي الذي أخرجا له في الأصل.
وربما أخرج البخاري في المكررات في غير الحديث الأصل ألفاظا شاذة.
وقد يخرج مسلمٌ الحديثَ، وفيه لفظ شاذ.
ومسلم أحيانًا يخرج الحديث في آخر الباب يريد به إعلاله.
والبخاري يخرج المتابعة بعد الحديث لا يريد تقوية الحديث الأصل فإنَّ الحديث الأصل أصل، وإنما يريد نفي التفرد، وهذا ملمح فهمه الناس مقلوبًا فتنبه.