للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال أبو محمدٍ عبدُ الرحمنِ: سألتُ أبي عن حديثٍ رواه حسَّانُ بنُ حسَّان عن إبراهيمَ بنِ بِشْرٍ عن يحيى بنِ معن (١) عن إبراهيمَ القرشيِّ عن سعيد بنِ شُرَحْبيلٍ عن زيد بن أبي أوْفَى، قال: خرج علينا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم؛ فقال: أين فلانُ بنُ فلانٍ بنِ فلانٍ، فما زال يتفقَّدهم، ثم قام فحمد الله وأثنى عليه؛ فقال: إنِّي مُصْطَفٍ منكم ومؤاخٍ بينكم، قم يا أبا بكر! فآخى بينه وبين عمرَ .... فذكر حديثَ المؤاخاةِ، وفضائلِ كلِّ واحدٍ منهم. علل الحديثِ (٢٥٩٨)

فسمعتُ أبي يقول: هذا حديثٌ منكر، وفي إسنادِهِ مجهولون.

المجهولون في هذا الإِسنادِ: إبراهيم بنُ بِشْرٍ، ويحيى بنُ معن، وإبراهيمُ القرشيُّ، وسعيد بنُ شُرَحْبِيْلٍ.

والجهالة ليست بجرح ولا تعديل، وكذا الشهرة؛ فبعض الرواة مشهورون ولكن بالكذب.

[مراتب المجهولين]

أ - طبقة كبار التابعين أو أوساطهم، إذا روى ما لم يُسْتَنكر احتُمِلَ حديثه.

ب - صغار التابعين، فيختلف باختلاف الرواة عنه.

ت - أتباع التابعين فمن بعدهم، فهؤلاء أضعف لا سيما إذا تفردوا.

ث - من روى عنه من لا يروي إلا عن ثقة، فهذا أرفع لحديثه وأقوى لعدالته.

ج - من روى عنه الموصوف بتدليس الشيوخ، فإن ذلك مما يضعفه.

ح - من لم يرو عنهم إلا الضعفاء، فهؤلاء أضعف مراتب المجهول.

[ارتفاع الجهالة]

اعلم أنه ليس لارتفاع الجهالة عن الراوي عند المتقدمين قاعدة منضبطة.

فلا عبرة عندهم بتعدد الرواة، وإنما العبرة بالشهرة ورواية الحفاظ الثقات، كأن يروي عنه أهل العلم ممن لا يروي عن المجاهيل.


(١) في الأصل يحيى بنَ معين، والتصويب من تعليق المعلمي اليماني على التاريخ الكبير للبخاري (٣/ ٣٨٦).

<<  <   >  >>