المَشْهُورُ والعَزِيزُ والغَرِيبُ
اعلم أنَّ تقسيم الحديث إلى مشهور أو مستفيض وعزيز وغريب لم يكن عند المتقدمين بمعناه عند المتأخرين.
الغَرِيْب: هو ما انفردَ بروايته واحد في أيِّ موضع كان من السند.
وغالب الغريب ضعيف، وقد يكون حسنًا، ونادرًا ما يكون صحيحًا.
مثاله:
حديث: مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ الرَّازِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ الفَضْلِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ: "عَبَّأنَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِبَدْرٍ لَيْلًا": سنن الترمذي (٤/ ١٩٤).
قال الترمذي: وَهَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ هَذَا الوَجْهِ.
واعلم: أن الغريب شر الحديث، لذلك كان جماعة من السلف يحذرون منه.
قال أحمد بْنَ حَنْبَلٍ: شَرُّ الحَدِيثِ الغَرَائِبُ الَّتِي لَا يُعْمَلُ بِهَا وَلَا يُعْتَمَدُ عَلَيْهَا. الكفاية للخطيب البغدادي (ص: ١٤١).
وقال أحمد بن يحيى سمعت أحمد غير مرة يقول: لا تكتبوا هذه الأحاديث الغرائب، فإنها مناكير وعامتها عن الضعفاء. شرح علل الترمذي لابن رجب (٢/ ٦٨).
[فوائد وقواعد مهمة في الغريب]
- لا يوجد غريب متنًا إسناده ليس بغريب.
ربما يكون الحديث غريبًا، وتجتمع الأمة على صحته، كحديث "الأعمال بالنيات".
- الثقة المكثر إذا أغرب ببعض حديثه عن شيخ عرف بالعناية به؛ فهو علامة على ضبطه، وهمته في الطلب.
- كثرة الغرائب إنما تضر الراوي في حالين:
الأولى: أن تكون مع غرابتها عن شيوخ ثقات بأسانيد جيدة.