٥ - التَّوسُّعُ فِي قبولِ الأحَادِيث بِالمُتَابَعَاتِ والشَّواهِد:
وعند المتقدمين قد تكون كثرة الطرق لا تفيد الحديث شيئًا، وقد رأيت المتأخرين كأن واحدهم لا يصدق أن يكون للحديث سندان أو أكثر حتى يصححه، وانظر كتبهم تجد من هذا الكثير.
فكم من حديث تعددت طرقه تبين بعد التحقق أنها مناكير، أو معلولة، وأنه ليس لهذا الحديث سوى إسناد واحد لا يُعْرَفُ غيره، ترجع إليه كل أسانيده التي بدت متعددة.
كحديث: عطية العوفي، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قول الله عز وجل: {فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ (٨) فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ} قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: "كيف أنعم وصاحب القرن قد التَقَم القرن، وحَنى جبهته حتى يؤمر فينفخ؟ ! " فقال أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم -: يا رسول الله فكيف نقول؟ قال: قولوا: "حسبنا الله ونعم الوكيل، على الله توكلنا".
قال البوصيري: رواه أحمد بن حنبل في "مسنده" والطبراني من هذا الوجه.
وله شاهد من حديث أبي سعيد الخدري، رواه ابن حبان في"صحيحه" والترمذي في "الجامع". انظر "إتحاف الخيرة" (٦/ ٩٨).
قلت: وشاهده الذي أشار إليه، هو من نفس الطريق، عن عطية عن أبي سعيد به، أخرجه الترمذي.
فكيف يعد شاهدًا! .
والحديث مروي من طرق: عن أبي هريرة. أخرجه: إسحاق، وأبو الشيخ.
وعن عطية عن زيد بن أرقم. أخرجه: أحمد والطبراني وابن عدي.
وعند التدبر فمردها إلى الطريق الأولى، لذا قال أبو نعيم الأصبهاني: ومشهوره ما رواه أبو نعيم وغيره عن الثوري، عن الأعمش، عن عطية، عن أبي سعيد الخدري. "حلية الأولياء".
وحديث: محمد بن أبي حميد عن ابن المنكدر عن جابر مرفوعًا: الحجاج والعمار وفد الله ... الحديث. أخرجه البزار.
ابن أبي حميد: منكر الحديث ليس حديثه بشيء.
وقد اختلف في روايته: فرواه من وجه آخر عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده.