[عنعنة الثقة والخلاف في اشتراط اللقاء واشتراط السماع والاكتفاء بالمعاصرة]
هذه المسألة فيها اختلاف معروف بين العلماء.
فاختار مسلم في: "مقدمة كتابه" وتوهم الإجماع عليه: قبول العنعنة من الثقة غير المدلس عمن عاصره وأمكن لقيه له، وان لم يثبت لقيه.
واستدل مسلم على صحة قوله، باتفاق العلماء على:
قبول الخبر إذا رواه الثقة عن آخر ممن تيقن أنه سمع منه من غير اعتبار أن يقول: (ثنا) أو (سمعت) ومما استدل به مسلم على المخالف له:
إن من تكلم في صحة الحديث من السلف لم يفتش أحد منهم على موضع السماع، وسمى منهم شعبة، والقطان، وابن مهدي.
وذكر أن: عبد الله بن يزيد روى عن حذيفة وأبي مسعود حديثين، ولم يرد أنه سمع منهما
ولا رآهما قط، ولم يطعن فيهما أحد.
إن عبد الله بن يزيد وقيس بن أبي حازم رويا عن أبي مسعود، وأن النعمان بن أبي عياش روى عن أبي سعيد، ولم يرد التصريح بسماعهم منهما.
وهؤلاء لم يحفظ لهم عن هؤلاء الصحابة سماع، ولا لقاء، وقد قبل الناس حديثهم عنهم.
وكثير من العلماء المتأخرين على ما قاله مسلم رحمه الله، وهو ظاهر كلام ابن حبان وغيره.
واختار: ابن المديني، والبخاري، وجمهور المتقدمين: اشتراط ثبوت لقاء الراوي عمن روى عنه.
واختار أحمد، وأبو زرعة، وأبو حاتم: اشتراطَ ثبوتِ سماعِ الراوي ممن روى عنه.
فإنهم قالوا في الأعمش، ويحيى بن أبي كثير، وأيوب، وابن عون، وقرة بن خالد: رأوا أنسًا ولم يسمعوا منه، فرواياتهم عنه مرسلة.