والعمل اليوم في الحديث كله على الوجَادَات، وهنا لا بد من جمع نسخ المخطوط، ولا يكتفى في تحقيق الكتاب بمخطوطة واحدة، ثم لا بد من التأكد من دور النشر، ومعرفة المؤتمن منها من غير المؤتمن.
وصِيَغُ التَّحَمُّلِ مِنْ حَيْثُ ألفَاظهَا ثَلَاثَة:
أوَّلًا: الصِّيَغُ الصَّرِيْحَةُ بِالسَّمَاع:
وأعلاها سمعت، وقال لي (١)، ويليها: حدثني، وحدثنا، ويليها: أخبرني وأخبرنا، ويليها: أنبأني وأنبأنا، وقرأ علينا وسمعنا عليه، وقال لنا وحكى لنا، وذكر لنا وشافهنا، وعرض علينا وعرضنا عليه، وناولنا وكتب لنا، ونحوها من العبارات الدالة على الاتصال.
والأصل المساواة بين هذه الصيغ، وهذا صنيع كثير من المتقدمين.
وقد فرَّق بين هذه الألفاظ بعض المتقدمين وتبعهم عليه المتأخرون.
ثَانِيًا: الصِّيَغُ الصَّرِيْحَةُ بِعَدَمِ السَّمَاع: مثل أُخْبِرْت، أو حُدِّثْتُ "بالبناء للمجهول"، فهي تدل على انقطاع في السند بين الراوي وشيخه الذي حدَّث عنه.
ثالثًا: الصِّيَغُ المُحْتَملَةُ لِلسَّمَاعِ وَعَدَمِه: كصيغ (أنَّ)، و (عَنْ)، و (قَال)، و (ذَكَر).
تَنْبِيْه: (أنَّ) و (عَنْ) ليستا في الحقيقة ألفاظًا للأداء، وإنما أُدخِلَتا في ألفاظ الأداء؛ لأنهما تُذْكَران في سياق الإسناد كألفاظ الأداء ونيابة عنها.
العَنْعَنَة: أداء الراوي صيغة التحمل بلفظ (عَنْ).
المُعَنْعَن: هو الإسناد الذي تكون بعض أو كل صيغ التحمل فيه بين الرواة (عَنْ، عَنْ).
المُؤنَّن: هو الإسناد الذي تكون بعض أو كل صيغ التحمل فيه بين الرواة (أنَّ، أنَّ).
واعلم: الأصل المساواة بين الصيغ الصريحة في السماع، ولم يأت من فرَّق بينها بطائل.
والصيغ الصريحة بعدم السماع الأصل فيها انقطاع السند.
أما الصيغ المحتملة للسماع وعدمه: فإن صدرت عن راو ثبت له السماع من شيخه، فهي محمولة على الاتصال، وإن لم يثبت السماع فهو منقطع، وإذا لم يترجح ثبوت السماع من عدمه فهو منقطع، إلا أن يكون احتمال سماعه كبيرًا بقرائن تدل على صحة السماع.
(١) وهذا بناء على قول من قدَّم العرض على السماع.