التفريق بين الرواية بـ (عَنْ) والرواية بـ (أنَّ).
فإن الرواية بـ (أنَّ) فيها تفصيل:
فإن كان خبر (أنَّ) مما يمكن أن يكون الراوي قد شهده، أو سمعه ممن روى عنه، فهذا حكمه حكم (عَنْ).
كقول جابر: أن سليكًا جاء والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يخطب.
وعن جابر عن سليك: أنه جاء والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يخطب.
لأنه يمكن أن يكون جابر شهد ذلك وحضره.
ويمكن أن يكون رواه عن سليك.
ومثل رواية ابن عمر: أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال لعمر: كذا وكذا، في أحاديث متعددة.
وروي بعضها عن ابن عمر عن عمر عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
فمن رواه عن ابن عمر: أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال لعمر؛ جعله من مسند ابن عمر.
ومن رواه عن ابن عمر عن عمر؛ جعله من مسند عمر.
(وإن كان خبر (أنَّ) مما لا يمكن أن يكون الراوي قد شهده؛ فهذا حكمه منقطع (١).
كقول عروة: إن عائشة قالت للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: كذا وكذا.
قال أبو داود: وسمعت أحمد قيل له: إن رجلًا قال: عن عروة قالت عائشة يا رسول الله.
وعن عروة عن عائشة سواء؟ .
قال: كيف هذا سواء؟ ليس هذا بسواء.
والحفاظ كثيرًا ما يذكرون مثل هذا، ويعدونه اختلافًا في إرسال الحديث واتصاله، وهو موجود كثيرًا في كلام أحمد، وأبي زرعة، وأبي حاتم، والدارقطني، وغيرهم من الأئمة.
(١) تنبيه: قال ابن رجب: ولكن كان القدماء كثيرًا ما يقولون: "عن فلان" ويريدون به الحكاية عن قصته، والتحديث عن شأنه، لا يقصدون الرواية عنه.