ثم جلست أسفل الدكان، فأخرج يحيى بْن معين الطبق، فقرأ عليه عشرة أحاديث، وأبو نعيم ساكت، ثم قرأ الحادي عشر، فقال له أبُو نعيم: ليس من حديثي اضرب عليه، ثم قرأ العشر الثاني، وأبو نعيم ساكت، فقرأ الحديث الثاني، فقال أبُو نعيم: ليس من حديثي، فاضرب عليه، ثم قرأ العشر الثالث، وقرأ الحديث الثالث، فتغير أبُو نعيم، وانقلبت عيناه، ثم أقبل على يحيى بْن معين، فقال له: أما هذا، وذراع أحمد في يده، فأورع من أن يعمل مثل هذا، وأما هذا يريدني، فأقل من أن يفعل مثل هذا، ولكن هذا من فعلك يا فاعل، ثم أخرج رجله فرفس يحيى بْن معين، فرمى به من الدكان، وقام فدخل داره، فقال أحمد ليحيى: ألم أمنعك من الرجل، وأقل لك: إنه ثبت، قَالَ: وَالله لرفسته إلي أحب إليَّ من سفري. تاريخ بغداد (١٤/ ٣٠٧)
فائدة: بعض القلب لا يؤثر على الحديث، وإن كان اللفظ غير المقلوب أصح.
كحديث رواه الجمع عنْ مُحَمَّدُ بْنُ الفُضَيْلِ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ القَعْقَاعِ، عَنْ أبِي زُرْعَةَ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "كَلِمَتَانِ خَفِيفَتَانِ عَلَى اللِّسَانِ، ثَقِيلَتَانِ فِي المِيزَانِ، حَبِيبَتَانِ إِلَى الرَّحْمَنِ، سُبْحَانَ الله العَظِيمِ سُبْحَانَ الله وَبِحَمْدِهِ". أخرجه: ابن أبي شيبة وأحمد والبخاري ومسلم. "والترمذي والنسائي وأبو يعلى.
قلبه أحمد بن أشكاب فرواه عن محمد بن فضيل به فقال: كَلِمَتَانِ حَبِيبَتَانِ إِلَى الرَّحْمَنِ، خَفِيفَتَانِ عَلَى اللِّسَانِ، ثَقِيلَتَانِ فِي المِيزَانِ. صحيح البخاري (٧٥٦٣).
المُضطَرِب: هو الذي اختلف الرواة في سنده أو متنه على وجه لا يمكن فيه الجمع ولا الترجيح.
فإن أمكن الجمع فلا اضطراب، أو رجحت إحدى الروايتين بوجه من وجوه الترجيح فالحكم للراجحة، ولا يكون مضطربًا.
وقد يعبر به بعض المتقدمين عن مطلق الضعف، كقولهم: فلان مضطرب الحديث، يريدون أنه ضعيف الحديث.
الاضطراب أكثر ما يقع في حديث الضعفاء؛ وهو في أحاديث الثقات نادر.