للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الإشكال الثاني: أن قول الطحاوي كسائر المبتدعات يفهم المبتدعات المخلوقات يفهم منه أنه ما من مخلوق إلا وهو محوي وهذا فيه نظر فإنه إن أراد أنه محوي بأمر وجوده فممنوع فإن العالم ليس في عالم آخر وإلا لزم التسلسل ليس كل شيء مخلوق محوي بمخلوق آخر فإننا نرى العالم ليس محويا بعالم آخر، وإن أراد أمرا عدميا فليس كل مبتدع في العدم بل منها ما هو داخل في غيره كالسماوات والأرض في الكرسي ونحو ذلك، ومنها ما هو منتهى المخلوقات كالعرش فسطح العالم ليس في غيره من المخلوقات قطعا للتسلسل.

ويمكن أن يجاب عن هذا الإشكال بأن قول الطحاوي: كسائر المبتدعات بمعنى البقية لا بمعنى الجميع، ويؤيد هذا أن هذا أصل معناها أصل معناها البقية، ومنه السؤر وهو ما يلقيه الشارب في الإناء فيكون مراد الطحاوي بقول: كسائر المخلوقات كغالب المخلوقات لا جميعها إن السائر على الغالب أدل منه على الجميع فيكون المعنى أن الله -تعالى- غير محوي كما يقول أكثر المخلوقات، محويا بل هو غير محوي بشيء -تعالى- الله عز وجل والخلاصة أن الطحاوي -رحمه الله- أراد بذلك بهذه المعاني أراد بها معنى صحيحا وأن الله منزه عند الحدود والغايات والأركان والأعضاء مراده إثبات صفة الله عز وجل وأن الله لا يشابه المخلوقين، وأن الله ليس فيه شيء من مخلوقاته بدليل أنه أثبت العلو فيما بعد قال: محيط بكل شيء لكن تسلط عليه الخصوم لما أطلق هذه العبارات فكان الأولى بالطحاوي أن يعتصم بألفاظ النصوص حتى لا يوصف بالتناقض وحتى لا يتسلط عليه الخصوم نعم.

<<  <   >  >>