ولهذا الأصل لوازم وفروع كثيرة فاسدة ذكرها ابن القيم -رحمه الله- من تسعين وجها والذي عليه أهل السنة والجماعة هو إثبات العلة والحكمة في أفعال الله وشرعه وقدره فما خلق شيئا ولا قضاه ولا شرعه إلا لحكمة بالغة وإن قصرت عنها عقول البشر، والأدلة الدالة على إثبات هذا الأصل كثيرة وأنه سبحانه حكيم شرع الأحكام لحكمة ومصلحة فما خلق شيئا عبثا ولا خلق شيئا سدى من ذلك قول الله -تعالى-: {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا} وقوله: {أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى (٣٦) } وقوله: {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ (٣٨) مَا خَلَقْنَاهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ} وقال {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ (١٠٧) } وقال: {لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا (١) } وأهل السنة توسطوا فأثبتوا أن العباد فاعلون ولهم قدرة على أعمالهم ولهم إرادة ومشيئة وأن الله خالقهم وخالق قدرتهم ومشيئتهم فأفعال العبد تضاف إليه على جهة الحقيقة والله خلقه وخلق فعله {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ (٩٦) } فأخبر أن العباد يعملون ويصنعون ويؤمنون ويكفرون ويفسقون ويكذبون فللعبد مشيئة ولا تكون إلا بمشيئة الله {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} والله أعلم نعم اقرأ.
قَالَ -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- وقد علم الله -تعالى- فيما لم يزل عدد من يدخل الجنة وعدد من يدخل النار جملة واحدة.
نعم، وهذه الإرادة هذه المرتبة الأولى من مراتب القدر أن الله علم ما يعمله العباد يعلم كل شيء سبحانه كما ثبت يعلم ما كان وما يكون وما لم يكن لو كان كيف يكون، وهو يعلم أفعال عباده وحركاتهم وسكناتهم وأفعالهم وما يشاءن خلق ذلك وكتب ذلك علم ذلك وكتبه في اللوح المحفوظ قبل خلقه كما ثبت في الحديث الصحيح عن عبد الله بن عمرو (إن الله كتب مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة وكان عرشه على الماء) فالله علم أفعال العباد وحركاتهم وسكناتهم وأعمالهم وخلق ذلك قبل أن تخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة وكان عرشه على الماء نعم.
فلا يزداد في ذلك العدد ولا ينقص منه.
نعم، لا يزداد ولا ينقص منه مكتوب في اللوح المحفوظ قال -سبحانه-: {وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ (١٢) } والإمام المبين هو اللوح المحفوظ قال -سبحانه-: {أَلَمْ تَعْلَمْ أَن اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ} وهو اللوح المحفوظ، وقال -سبحانه-: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (٢٢) } وهو اللوح المحفوظ نعم.
أفعالهم فيما علم منهم أن يفعلوه
وكذلك أفعالهم فيما علم منهم أن يفعلوه.
نعم كذلك أفعالهم وغير أفعالهم حركاتهم وسكناتهم كلها مكتوبة نعم.
كل ميسر لما خلق له
وكل ميسر لما خلق له.
نعم كل ميسر لما خلق له، والأعمال بالخواتيم الله -تعالى- يسر أهل السعادة للسعادة يسر أهل الجنة للسعادة يعملون بعمل أهل الجنة يموتون على التوحيد والإيمان ويعملون بعملهم ويسر الكفرة للكفر يعملون بعمل أهل النار فيموتون على الكفر فيدخلون النار المؤمنون يسرهم للإيمان والتوحيد والعمل الصالح ويموتون على التوحيد فيدخلون الجنة والكفار يسرهم للكفر وللمعاصي فيموتون على الكفر فيدخلون النار -نسأل الله السلامة والعافية- نعم.
الأعمال بالخواتيم
والأعمال بالخواتيم.
نعم، الأعمال بالخواتيم من ختم له بالتوحيد والإيمان صار من أهل الجنة، ومن ختم له بالكفر صار من أهل النار كما في الأحاديث الصحيحة من أحاديث عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - وهو من أحاديث الأربعين النووية (إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمة أربعين يوما نطفة ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يرسل إليه الملك فينفخ فيه الروح، ويؤمر بأربع كلمات بكتب رزقه وأجله وعمله وشقي أو سعيد فوالله الذي لا إله إلا هو إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها) .