ويستتبع تحديد الهدف تخطيط العمل، والإعداد لمواجهة تحديات إنجاز العمل في المستقبل، ولا يترك ذلك تحت رحمة الظروف والمفاجآت، بل نأخذ في الاعتبار توقعات المستقبل، والإمكانيات المتاحة حالًا ومستقبلًا، وهو ما يتجلى في قوله تعالى:{وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ}(الأنفال: من الآية: ٦٠) وإذا كانت الآية الكريمة قد وردت في خصوص التخطيط العسكري، فإنها تضع لنا توجيهًا عامًّا لمواجهة أي تحديات واحتمالات مستقبلية في سائر مجالات العمل.
ولنا في قصة يوسف -عليه السلام- نموذجًا للتخطيط المدني في حقل التموين، عندما أنبأ فرعون مصر بتأويل رؤياه، موضحًا له أن البلاد سوف تحقق إنتاجا زراعيًّا وفيرًا لمدة سبع سنوات، تواجه بعدها سبع سنوات عجاف، مما يتعين معه الاستعداد مقدمًا بالادخار من إنتاج سنوات الرخاء؛ لمواجهة سنوات الشدة، وفي ذلك يقول- سبحانه وتعالى-: {قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ إِلاَّ قَلِيلًا مِمَّا تَأْكُلُونَ ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلاَّ قَلِيلًا مِمَّا تُحْصِنُونَ}(يوسف: من الآية: ٤٧، ٤٨).
وقد تأكد ذلك بحديث النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدًا)) الذي يدعو بل يأمر بالأخذ بالتخطيط للعمل، ليس فقط للمدى القصير، أو المتوسط، أو الطويل، بل لأمد بعيد، والعمل أيضًا ينبغي أن يكون مبسطًا؛ إذ يحض الإسلام على حسن الأداء، وهو ما يؤكده العديد من آي القرآن الكريم؛ فالله -سبحانه وتعالى- خلق الإنسان والحياة والموت؛ لاختبار البشر في مدى إجادتهم لأعمالهم في دنياهم، فيقول -سبحانه وتعالى-: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا}(هود: من الآية: ٧) كما يقول سبحانه: {إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا}(الكهف: ٧) ويقول -تبارك وتعالى-: {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا}(الملك: من الآية: ٢).