كما يقرر المولى سبحانه مكافأة العاملين على حسن الأداء، فيقول -جل من قائل-: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا}(الكهف: من الآية ٣٠) كما يقول سبحانه: {لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ}(النور: ٣٨) ويقول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: ((إن الله يحب من العامل إذا عمل أن يحسن)) فالإسلام يعول على الوازع الديني الذاتي، والحافز العقائدي الداخل في ضمان حسن العمل، وجودة الأداء، هذا بالنسبة لمهام التنفيذ.
أما بالنسبة للمهام الاستشارية، والتي تتمثل في مجرد إبداء المشورة والرأي الفني، فإنه يتعين الرجوع فيها إلى أهل الخبرة والاختصاص والعلم، وهو ما تؤكده آيات القرآن الكريم التالية؛ إذ يقول سبحانه:{وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ}(فاطر: من الآية: ١٤) ويقول تعالى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ}(النحل: من الآية: ٤٣) كما يقول -سبحانه وتعالى-: {وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ}(النساء: من الآية: ٨٣).
ومما تقدم: يتضح أن الإسلام يوجب مراعاة الاختصاص والخبرة والرجوع إلى أصحابها في كل ما يعن لنا من أمور، لا دراية، ولا علم لنا بها، ولكن ليس لأهل الاختصاص والخبرة سلطة فرض آرائهم، أو إصدار أوامر ملزمة في هذا الصدد، وهو ما تشير إليه الآية الكريمة في قوله تعالى:{فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصيْطِرٍ}(الغاشية: من الآية: ٢١، ٢٢) وهو ما يأخذ به الفكر الإداري المعاصر.
وهكذا يحضنا الإسلام على إتقان العمل، سواء بالدعوة إلى حسن الأداء في مجال التنفيذ، أو بالرجوع إلى أهل الخبرة والاختصاص والعلم في مجال المشورة،