وقد نجح الرسول -صلى الله عليه وسلم- في الاستفادة من كل الإمكانيات المتاحة خلال هذه المرحلة، أموال زوجته خديجة، وحماية عمه أبو طالب، وجهود أصحابه الذين آمنوا به أمثال أبي بكر وعلي وبلال، وغيرهم، كما أنه حاول الاستفادة من وفود القبائل العربية؛ لزيارة بيت الله الحرام، فبدأ يجهر بدعوته بينهم، وكان العرب بطبيعتهم أقرب لهذه الدعوة من أهل مكة الذين سيطرت عليهم مباهج الحياة وزخارفها، فاستجاب منهم الكثير، وصاروا أنصارًا للإسلام، كما أنه عليه الصلاة والسلام، واجه الصعوبات التي كان يدرك تمامًا أنها ستعترض دعوته وخطته، مواجهة القائد الشجاع أي: أنه واجه هذه المشكلات مواجهة القائد الشجاع، وصاحب الرسالة المؤمن برسالته، وكانت آيات القرآن، تتنزل بين الحين والحين؛ لتشد أزره، وتقوي عزمه، يقول تعالى:{وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلاَّ بِاللَّهِ وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ}(النحل: الآيتان: ١٢٨،١٢٧).
وثالث المعالم للتخطيط لنشر الدعوة الإسلامية: الدعوة بالإقناع والموعظة الحسنة، فلو أن رجلًا غير محمد -صلى الله عليه وسلم- ينتمي إلى قبيلة من أعرق قبائل مكة، ويدرك أنه مبعوث من قبل القوي القاهر لتبليغ رسالته إلى خلقه، كلف بهذه الدعوة ما رضي أن يتحمل كل ما تحمله الرسول -صلى الله عليه وسلم- في سبيلها، ما رضي أن تلقى الأشواك في طريقه، ويلقى القذى على رأسه أثناء الصلاة، ويرى أصحابه يعذبون، فلا يملك إلا أن يقول لهم:((صبرًا آل ياسر، فإن موعدكم الجنة))