الرأي الثاني: ذهب جمهور الفقهاء من المالكية، والشافعية، والحنابلة إلى أن الشريعة تطبق على كل جريمة ارتكبها مسلم، أو ذمي في دار الحرب، ووجه ذلك أن المسلم ملتزم بأحكام الإسلام حيثما كان، ومن أحكام الإسلام: وجوب الحد على من أتى سببه.
ونرى أن الرأي الراجح هو ما ذهب إليه الجمهور؛ لأن المسلم قدوة في الفضيلة حيثما حل؛ فلا يصح أن يتحول إلى مفسدٍ في الأرض، ومن أجل ذلك تطبق العقوبة على أية جريمة يرتكبها، دون نظرٍ إلى مكان وقوع الجريمة، ويقام عليه الحد بعد رجوعه إلى دار الإسلام إذا خيف التحاق من أقيم عليه الحد بأهل الحرب، وبالنسبة للقصاص في دار الحرب.
نقول: إذا ارتكب المسلم، أو الذمي جريمة قتل في دار الحرب، فهل يقتص منه؟ اختلف الفقهاء في الإجابة على هذا السؤال إلى رأيين:
الأول: إلى أنه لا يؤخذ بالقصاص، وإن كان عمدًا؛ لتعذر الاستيفاء إلا بالمنعة، والمنعة منعدمة في دار الحرب، وأيضًا كونه في دار الحرب أوْرَث شبهة في وجوب القصاص، والقصاص لا يجب مع الشكر، ويضمن القاتل الدية -خطئًا كان القتل أو عمدًا- وتكون في ماله، لا على العاقلة، وإنما قالوا: عليه الدية؛ حتى لا يذهب دم مصون هدرًا، وإنما قالوا: عليه الدية؛ حتى لا يذهب دم مصون هدرًا، وحيث تعذرت العقوبة البدنية؛ فإنه يحل محلها العقوبة المالية، ولا يمنع ذلك من التعزير في كل الأحوال.