ومقعده)) وفي رواية:((من ابتلي بالقضاء بين الناس فلا يرفعن صوته على أحدٍ ما لا يرفع على الآخر)) كما أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- القضاة بتحري الحق والحكم به، كما بين النبي -صلى الله عليه وسلم- أن العدل في القضاء يرفع منزلة القاضي عند الله تعالى، فقد روت عائشة -رضي الله عنها- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:((أتدرون من السابقون إلى ظل الله يوم القيامة؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: الذين إذا أُعطوا الحق قبلوه، وإذا سئلوه بذلوه، وإذا حكموا للمسلمين حكموا حكمهم لأنفسهم)).
وقد حذر الرسول -صلى الله عليه وسلم- من الظلم في القضاء، فقال:((إن الله مع القاضي ما لم يجر، فإذا جار وكله الله إلى نفسه)) وقد بين النبي -صلى الله عليه وسلم- أن القضاء منصبٌ خطيرٌ يجب أن يتولاه من هو أحق به وأقدر عليه؛ لأن ولاية من أعظم الولايات فقال:((من تولي من أمر المسلمين شيئًا فاستعمل عليهم رجلًا وهو يعلم أن فيهم من هو أولى بذلك، وأعلم منه بكتاب الله وسنة رسوله؛ فقد خان الله ورسوله وجماعة المسلمين)).
كما حذر الرسول -صلى الله عليه وسلم- أن يقضي القاضي وهو غضبان، فقد رُوي أنه -صلى الله عليه وسلم-: ((لا يقضي الحكم بين اثنين وهو غضبان)) وقال أيضًا: ((لا يقضي القاضي إلا وهو ريانٌ شبعانٌ)) كما حذر الرسول -صلى الله عليه وسلم- من قبول الرشوة؛ لما روى أبو هريرة -رضي الله عنه- قال:((لعن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الراشي والمرتشي في الحكم)).
كما أوضح الرسول -صلى الله عليه وسلم- أن الإسلام لا يأبى على القاضي المسلم أن يفصل بين أهل الكتب في خصوماتهم إذا احتكموا إليه، أو طلبوا القضاء بينهم أمامه، وقد فصل -عليه الصلاة والسلام- فيما عُرِض عليه من قضاياهم، وكذلك أوفد أبو عبيدة بن الجراح -رضي الله عنه- مع وفد نصارى نجران من أجل أن يحكم بينهم وفي جميع الأحوال، فلم يدع النبي -صلى الله عليه وسلم- القضاة إلى أنفسهم ينشئون الأحكام كما يشاءون، بل ألزمهم