أنبأنا ابن ناصر أنبأنا أبو الفضل السهلكي قال سمعت أبا عبد الله الشيرازي يقول سمعت يوسف بن الحسين يقول سمعت إبراهيم سبتية يقول حضرت مجلس أبي يزيد والناس يقولون فلان لقي فلانا وأخذ من علمه وكتب منه الكثير وفلان لقي فلانا.
فقال أبو يزيد: مساكين أخذوا علمهم ميتا عن ميت وأخذنا علمنا عن الحي الذي لا يموت.
قال المصنف ﵀: هذا الفقه في الحكاية الأولى من قلة العلم إذ لو كان عالما لعلم أن الإلهام للشيء لا ينافي العلم ولا يتسع به عنه ولا ينكر أن الله ﷿ يلهم الإنسان الشيء كما قال النبي ﷺ: «إن في الأمم محدثين وإن لم يكن في أمتي فعمر».
والمراد بالتحديث إلهام الخير إلا أن الملهم لو ألهم ما يخالف العلم لم يجز له أن يعمل عليه: وأما الخضر فقد قيل أنه نبي ولا ينكر للأنبياء الاطلاع بالوحي على العواقب وليس الإلهام من العلم في شيء إنما هو ثمرة لعلم وتقوى فيوفق صاحبهما للخير ويلهم الرشد: فأما أن يترك العلم ويقول أنه يعتمد على الإلهام والخواطر فليس هذا بشيء إذ لولا العلم النقلي ما عرفنا ما يقع في النفس أمن الإلهام للخير أو للوسوسة من الشيطان.
واعلم أن العلم الإلهامي الملقى في القلوب لا يكفي عن العلم المنقول كما أن العلوم العقلية لا تكفي عن العلوم العقلية لا تكفي عن العلوم الشرعية فإن العقلية كالأغذية والشرعية كالأدوية ولا ينوب هذا عن هذا.